الإمام العلامة الحافظ المجود الأديب البليغ شيخ الحديث والبلاغة بالأندلس أبو الربيع سليمان بن موسى بن سالم بن حسان الحميري الكلاعي البلنسي.
ولد سنة خمس وستين وخمس مائة.
وكان من كبار أئمة الحديث.
ذكره أبو عبد الله ابن الأبار في "تاريخه" فقال: سمع ببلنسية من أبي العطاء بن نذير، وأبي الحجاج بن أيوب، وارتحل فسمع: أبا بكر بن الجد، وأبا القاسم بن حبيش، وأبا عبد الله بن زرقون، وأبا محمد بن بونة، وأبا الوليد بن رشد، وأبا محمد بن الفرس، وأبا عبد الله بن عروس، وأبا محمد بن جهور، وأبا الحسن نجبة بن يحيى، وخلقًا سواهم.
وأجاز له أبو العباس بن مضاء، وأبو محمد عبد الحق الأزدي مؤلف "الأحكام"، وعني كل العناية بالتقييد والرواية.
قال: وكان إمامًا في صناعة الحديث، بصيرًا به، حافظًا حافلًا، عارفًا بالجرح والتعديل، ذاكرًا للمواليد والوفيات، يتقدم أهل زمانه في ذلك، وفي حفظ أسماء الرجال، خصوصًا من تأخر زمانه وعاصره، وكتب الكثير وكان خطه لا نظير له في الإتقان والضبط، مع الاستبحار في الأدب والاشتهار بالبلاغة، فردًا في إنشاء الرسائل، مجيدًا في النظم، خطيبًا، فصيحًا، مفوهًا، مدركًا، حسن السرد والمساق لما يقوله، مع الشارة الأنيقة، والزي الحسن، وهو كان المتكلم عن الملوك في المجالس، والمبين عنهم لما يريدونه على المنبر في المحافل. ولي خطابة بلنسية في أوقات، وله تصانيف مفيدة في فنون عديدة، ألف كتاب "الاكتفا في مغازي المصطفى والثلاثة الخلفا" وهو في أربع مجلدات، وله كتاب حافل في معرفة الصحابة والتابعين لم يكمله، وكتاب "مصباح الظلم" يشبه كتاب "الشهاب"، وكتاب "أخبار البخاري"، وكتاب "الأربعين"، وغير ذلك، وإليه كانت الرحلة للأخذ عنه.
(١) ترجمته في تذكرة الحفاظ "٤/ ترجمة ١١٣٥"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "٦/ ٢٩٨"، وشذرات الذهب لابن العماد "٥/ ١٦٤".