تملك الأندلس بعد أخيه، وامتدت أيامه. وكان أسن من أخيه بعام، وكان لينًا، وادعًا، يحب العافية، فقام عليه في كل قطر من الأندلس متغلب، وتناقض أمر المروانية في دولته.
قال أحمد بن محمد بن عبد ربه: كان الأمير عبد الله من أفاضل أمراء بني أمية، بنى السَّاباط، وواظب الخروج عليه إلى الجامع، والتزم الصلاة إلى جانب المنبر طول مدته.
وقال محمد بن وضاح: كان عبد الله الأمير من الصالحين، المتقين، العالمين، روى العلم كثيرًا، وطالع الرأي، وأبصر الحديث، وحفظ القرآن، وتفقه، وأكثر الصوم، وكان يلتزم الصلوات في الجامع، فيمر بالصف، فيقوم الناس له، فكتب إليه سعيد بن حمير: أيها الإمام أنت من المتقين، وإنما يقوم الناس لرب العالمين، فلا ترض من رعيتك بغير الصواب، فإن العزة لله جميعًا. فأمر العامة بترك ذلك فلم ينتهوا، فحينئذ ابتنى الساباط طريقًا مشهورًا من قصره إلى المقصورة.
قال اليسع بن حزم: استضعفت دولة بني أمية، وقام ابن حفصون، وكان نصراني الأصل، فأسلم، وتنصح، وألب، وحشد، وصارت الأندلس شعلة تضرم، ولم يبق لبني أمية منبر يخطب فيه إلا منبر قرطبة، والغارات تشن عليها حتى قام عبد الرحمن الناصر، فتراجع الأمر.
مات عبد الله في أول ربيع الأول، سنة ثلاثمائة، وله اثنتان وسبعون سنة.
(١) ترجمته في العقد الفريد "٤/ ٤٩٧"، ونفح الطيب للمقري "١/ ٣٥٢".