ابن مسرة أبو إبراهيم الطليطلي الزاهد، أحد الأعلام بقرطبة، كان يتَّجر بها في الكتان، وكان من أهل العلم والعمل، وممن لا تأخذه في الله ملامة.
وكان فقيهًا مشاورًا منقبضًا عن الناس مهيبًا.
وكان المستنصر بالله الحكم يتأدَّب معه، ويحترمه جدًّا، وقد كتب إليه الحكم ورقة فيها: حفظك الله، وتولاك وسددك ورعاك، لما امتحن أمير المؤمنين سيدي أبقاه الله للأولياء الذين يستعدّ بهم، متقدمًا في الولاية، متأخرًا عن الصلة، على أنه قد أنذرك خصوصًا للمشاركة في السرور الذي كان عنده، ثم أنذرت من قبلي إبلاغًا في التكرمة، فكان منك على ذلك كله من التخلّف ما ضاقت عليك فيه المعذرة، واستبلغ أمير المؤمنين في إنكاره، ومعاتبتك، فما الذي أوجب توقفك عن إجابة دعوته لأعرفه?
فأجاب أبو إبراهيم: سلام على الأمير سيدي ورحمة الله، لم يكن توقفي لنفسي، إنما كان لأمير المؤمنين، وذكر كلمات قَبِلَ بها عذره.
ومن خواصّ تلامذته: القاسم بن أحمد، المعروف بابن أرفع رأسه.
وقد ذكر في تاريخ أعيان الموالي بالأندلس، وأنَّه مولى بني هلال التُّجيبيين، وأنه كان من أحفظ العلماء للمسائل، وله ديوان شريف سماه "كتاب النصائح".
توفي سنة أربع وخمسين وثلاث مائة، وقبره يزار بالأندلس، وقيل: توفي قبل ذلك.
أمَّا الزاهد محمد بن عبد الله بن مسرة الأندلسي، الذي ألَّف في التصوف، فتوفِّي سنة تسع عشرة وثلاث مائة. رُمِيَ بالقدر.
(١) سبق لنا ترجمته في هذا الجزء بتعليقنا رقم "٢٣٤"، وترجمة برقم عام "٣٢٥٩".