أمير المؤمنين أبو جعفر منصور ابن الظاهر بأمر الله محمد ابن الناصر لدين الله أحمد ابن المستضيئ بأمر الله حسن ابن المستنجد بالله يوسف ابن المقتفي العباسي، البغدادي، واقف المستنصرية التي لا نظير لها.
مولده سنة ثمان وثمانين وخمس مائة.
وأمه تركية، وكان أبيض أشقر، سمينًا، ربعة، مليح الصورة، عاقلًا حازمًا سائسًا، ذا رأي ودهاء ونهوض بأعباء الملك، وكان جده الناصر يحبه ويسميه القاضي لحبه للحق وعقله.
بويع عند موت والده يوم الجمعة، ثالث عشر رجب، سنة ثلاث وعشرين وست مائة البيعة الخاصة من إخوته وبني عمه وأسرته، وبايعه من الغد الكبراء والعلماء والأمراء.
قال ابن النجار: فنشر العدل، وبث المعروف، وقرب العلماء والصلحاء، وبنى المساجد والمدارس والربط، ودور الضيافة والمارستانات، وأجرى العطيات، وقمع المتمردة، وحمل الناس على أقوم سنن، وعمر طرق الحاج، وعمر بالحرمين دورًا للمرضى، وبعث إليها الأدوية:
تخشى الإله فما تنام عناية … بالمسلمين وكلهم بك نائم
إلى أن قال: ثم قام بأمر الجهاد أحسن قيام، وجمع العساكر، وقمع الطغام، وبذل الأموال، وحفظ الثغور، وافتتح الحصون، وأطاعه الملوك.
قال: وبيعت كتب العلم في أيامه بأغلى الأثمان لرغبته فيها، ولوقفها. وخطه الشيب، فخضب بالحناء، ثم تركه.
(١) ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "٦/ ٣٤٥، ٣٤٦"، وشذرات الذهب لابن العماد "٥/ ٢٠٩".