للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٥٢٨ - الكامل (١):

السلطان الكبير الملك الكامل ناصر الدنيا والدين، أبو المعالي، وأبو المظفر محمد ابن الملك العادل أبي بكر بن أيوب صاحب مصر والشام وميافارقين وآمد وخلاط والحجاز واليمن وغير ذلك.

ولد في سنة ست وسبعين وخمس مائة، فهو من أقران أخويه المعظم والأشرف، وكان أجل الثلاثة وأرفعهم رتبة.

أجاز له عبد الله بن بري النحوي.

وتملك الديار المصرية أربعين سنة، شطرها في أيام والده، وكان عاقلًا، مهيبًا، كبير القدر.

قال ابن خلكان: مال عماد الدين ابن المشطوب وأمراء إلى خلع الكامل وقت نوبة دمياط وسلطنة أخيه إبراهيم الفائز، ولاح ذلك للكامل فدارى حتى قدم إليه المعظم فأفضى إليه بسره، فجاء المعظم يومًا إلى خيمة ابن المشطوب، فخرج إليه، وخضع، فقال: اركب نتحدث. فركب وتحدثا حتى أبعد به، ثم قال: يا فلان هذه البلاد لك، فنريد أن تهبها لنا، وأعطاه نفقة ووكل به أجنادًا إلى الشام، ثم جهز الفائز ليطلب عسكر الجزيرة نجدة، فتوفي الفائز بسنجار.

قال ابن مسدي: كان محبًا في الحديث وأهله، حريصًا على حفظه ونقله، وللعلم عنده سوق قائمة على سوق، خرج له الشيخ أبو القاسم ابن الصفراوي أربعين حديثًا سمعها منه جماعة.

وحكى عنه مكرم الكاتب: أن أباه استجاز له السلفي.

قال ابن مسدي: وقفت أنا على ذلك، وأجاز لي ولابني.

وقال المنذري: أنشأ الكامل دار الحديث بالقاهرة، وعمر قبة على ضريح الشافعي، ووقف على أنواع البر، وله الموافق المشهورة في الجهاد بدمياط المدة الطويلة، وأنفق الأموال، وكافح الفرنج برًا وبحرًا، يعرف ذلك من شاهده، ولم يزل على ذلك حتى أعز الله الإسلام، وخذل الكفر. وكان معظمًا للسنة وأهلها، راغبًا في نشرها والتمسك بها، مؤثرًا للاجتماع بالعلماء والكلام معهم حضرًا وسفرًا.

وقال بعضهم: كان شهمًا، مهيبًا، عادلًا، يفهم ويبحث. قيل: شكا إليه ركبدار أن أستاذه استخدمه ستة أشهر بلا جامكية، فأمر الجندي بخدمة الركبدار وحمل مداسه ستة أشهر. وكانت الطرق آمنة في زمانه لهيبته. وقد بعث ابنه المسعود فافتتح اليمن، وجمع الأموال ثم حج، فمات، وحملت خزائنه إلى الكامل.


(١) ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "٥/ ترجمة ٦٩٤"، والنجوم الزاهرة "٦/ ٢٢٧"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "٥/ ١٧١ - ١٧٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>