للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال البهاء زهير:

وأقسم إن ذاقت بنو الأصفر الكرى … لما حلمت إلَّا بأعلامك الصفر

ثلاثة أعوام أقمت وأشهرًا … تجاهد فيه لا بزيد ولا عمرو

قال ابن واصل: استوزر صفي الدين أولًا، فلما مات، لم يستوزر أحدًا، كان يتولى الأمور بنفسه. وكان مهيبًا، حازمًا، مدبرًا، عمرت مصر في أيامه، وكان عنده مسائل من الفقه والنحو يوردها، فمن أجاب فيها حظي عنده. وجاءته خلع السلطنة على بد السهروردي سنة أربع وست مائة، والتقليد بمصر، وكان يومًا مشهودًا، وهي: جبة واسعة الكم بطرز ذهب، وعمامة، وطوق وأشباه ذلك. ومن همته أن الفرنج لما أخذوا دمياط أنشأ على بريد منها مدينة المنصورة واستوطنها مرابطًا حتى نصره الله، فإن الفرنج طمعوا في أخذ مصر، وعسكروا بقرب المنصورة، والتحم القتال أيامًا، وألح الكامل على إخوته بالمجيء، فجاءه أخواه الأشرف والمعظم في جيش لجب، وهيئة تامة، فقوي الإسلام، وضعفت نفوس الفرنج ورسلهم تتردد، وبذل لهم الكامل قبل مجيء النجدة القدس وطبرية وعسقلان وجبلة واللاذقية وأشياء على أ يردوا له دمياط فأبوا، وطلبوا مع ذلك ثلاث مائة ألف دينار ليعمروا بها أسوار القدس، وطلبوا الكرك، فاتفق أن جماعة من المسلمين، فجروا من النيل ثلمة على نزلة العدو، فأحاط بهم النيل في هيجانه، ولا خبرة لهم بالنيل، فحال بينهم وبين دمياط، وانقطعت الميرة عنهم، وجاعوا وذلوا، فأرسلوا في طلب الأمان على تسليم دمياط، وعقد هدنة، فأجيبوا، فسلموا دمياط بعد استقرارهم بها ثلاث سنين، فلله الحمد.

ولما بلغ الكامل موت أخيه المعظم جاء ونازل دمشق، وأخذها من الناصر، وجعل فيها الأشرف، ولما مات الأشرف، بادر الكامل إلى دمشق وقد غلب عليها أخوه إسماعيل، فانتزعها منه، واستقر بالقلعة، فما بلع ريقه حتى مات بعد شهرين، تعلل بسعال وإسهال، وكان به نقرس، فبهت الخلق لما سمعوا بموته، وكان عدله مشوبًا بعسف؛ شنق جماعة من الجند في بطيحة شعير.

ونازل دمشق فبعث صاحب حمص لها نجدة خمسين نفسًا، فظفر بهم، وشنقهم بأسرهم.

قال الشريف العماد البصروي: حكي لي الخادم قال:

طلب مني الكامل طستًا ليتقيأ فيه، فأحضرته وجاء لناصر داود، فوقف على الباب

<<  <  ج: ص:  >  >>