من العابدين الكبار بالشام، قال محمد بن يوسف الفريابي: كنت في مجلس فيه الأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، وسليمان الخواص، فذكر الأوزاعي الزهاد، فقال: ما نزيد أن نريد مثل هؤلاء. فقال سعيد: ما رأيت أزهد من سليمان الخواص، وما شعر أنه في المجلس، فقنع سليمان رأسه، وقام. فأقبل الأوزاعي على سعيد، وقال: ويحك! لا تعقل ما يخرج من رأسك! تؤذي جليسنا تزكيه في وجهه.
وقيل لسليمان: قد شكوك أنك تمر، ولا تسلم. قال: والله، ما ذاك لفضل أراه عندي، ولكني شبه الحش إذا ثورته ثار، وإذا جلست مع الناس، جاء مني ما أريد وما لا أريد.
ويقال: إن سعيد بن عبد العزيز زار الخواص ليلة في بيته ببيروت، فرآه في الظلمة، فقال: ظلمة القبر أشد. فأعطاه دراهم، فردها، وقال: أكره أن أعود نفسي مثل دراهمك، فمن لي بمثلها إذا احتجت. فبلغ ذلك الأوزاعي، فقال: دعوه، فلو كان في السلف، لكان علامة.
(١) ترجمته في حلية الأولياء لأبي نعيم الأصفهاني "٨/ ٢٧٦".