١٩٩٥ - ابن حبيب (١):
الإمام العلامة، فقيه الأندلس أبو مروان عبد الملك بن حبيب بن سليمان بن هارون بن جاهمة ابن الصحابي عباس بن مرداس السلمي العباسي الأندلسي القرطبي المالكي أحد الأعلام.
ولد في حياة الإمام مالك بعد السبعين ومائة.
وأخذ عن: الغاز بن قيس، وزياد شبطون، وصعصعة بن سلام. ثم ارتحل في حدود سنة عشر ومائتين، وحج. وحمل عن عبد الملك بن الماجشون، ومطرف بن عبد الله اليساري، وأسد بن موسى السنة، وأصبغ بن الفرج، وأبي صالح، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وعدة من أصحاب مالك والليث، ورجع إلى قرطبة بعلم جم، وفقه كثير.
وكان موصوفًا بالحذق في الفقه، كبير الشأن، بعيد الصيت، كثير التصانيف إلا أنه في باب الرواية ليس بمتقن بل يحمل الحديث تهورًا كيف اتفق، وينقله وجادة وإجازة، ولا يتعانى تحرير أصحاب الحديث.
صنف كتاب "الواضحة" في عدة مجلدات، وكتاب "الجامع"، وكتاب "فضائل الصحابة"، وكتاب "غريب الحديث"، وكتاب "تفسير الموطأ"، وكتابًا في "حروب الإسلام"، وكتاب"فضل المسجدين"، وكتاب "سيرة الإمام فيمن ألحد"، وكتاب "طبقات الفقهاء"، وكتاب "مصابيح الهدى".
قال أبو الوليد بن الفرضي: كان فقيهًا، نحويًّا، شاعرًا، عروضيًّا، أخباريًا، نسابة، طويل اللسان، متصرفًا في فنون العلم. حدث عنه: بقي بن مخلد، ومحمد بن وضاح، ويوسف بن يحيى المغامي، ومطرف بن قيس، وخلق، وآخر أصحابه موتًا: المغامي.
سكن إلبيرة من الأندلس مدة، ثم استقدمه الأمير عبد الرحمن بن الحكم، فرتبه في الفتوى بقرطبة، وقرر معه يحيى بن يحيى في النظر والمشاورة، فتوفي يحيى بن يحيى، وانفرد ابن حبيب برئاسة العلم.
وكان حافظًا للفقه نبيلا إلا أنه لم يكن له علم بالحديث، ولا يعرف صحيحه من سقيمه، ذكر عنه أنه كان يتسهل في سماعه، ويحمل على سبيل الإجازة أكثر روايته.
وعن محمد بن وضاح: أن إبراهيم بن المنذر الحزامي قال له: أتاني صاحبكم عبد الملك بن حبيب بغرارة مملوءة كتبًا، فقال: لي هذا علمك تجيزه لي? فقلت له: نعم ما قرأ علي منه حرفًا، ولا قرأته عليه.
وكان محمد بن عمر بن لبابة يقول: ابن حبيب عالم الأندلس، ويحيى بن يحيى عاقلها، وعيسى بن دينار فقيهها.
قال أبو القاسم بن بشكوال: قيل لسحنون: مات ابن حبيب. فقال: مات عالم الأندلس! بل -والله- عالم الدنيا.
(١) ترجمته في تذكرة الحفاظ "٢/ ترجمة ٥٥٤"، وميزان الاعتدال "٢/ ٦٥٢"، والعبر "١/ ٤٢٧"، وتهذيب التهذيب "٦/ ٣٩٠"، ولسان الميزان "٤/ ٥٩"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "٢/ ٩٠".