للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٩٢٣ - الأتابك (١):

الملك عماد الدين الأتابك زنكي بن الحاجب قسيم الدولة آقسنقر ابن عبد الله التركي، صاحب حلب.

فوض إليه السلطان محمود بن ملكشاه شحنكية بغداد في سنة إحدى عشرة وخمس مائة في العام الذي ولد له فيه ابنه الملك العادل نور الدين الشهيد، ثم إنه حوله إلى مدينة الموصل، فجعله أتابكًا لولده الملقب بالخفاجي في سنة اثنتين وعشرين وخمس مائة.

ثم استولى على البلاد، وعظم أمره، وافتتح الرها، وتملك حلب والموصل وحماة وحمص وبعلبك وبانياس، وحاصر دمشق، وصالحهم على أن خطبوا له بها بعد حروب يطول شرحها. واستنقذ من الفرنج كفرطاب والمعرة، ودوخهم، وشغلهم بأنفسهم، ودانت له البلاد.

وكان بطلًا شجاعًا مقدامًا كأبيه، عظيم الهيبة، مليح الصورة، أسمر جميلًا، قد وخطه الشيب، وكان يضرب بشجاعته المثل، لا يقر ولا ينام، فيه غيرة حتى على نساء جنده، عمر البلاد.

قصد حلب في سنة اثنتين وعشرين، وكانت للبرسقي قد انتزعها من بني أرتق، ثم وليها ابنه مسعود، والنائب بها قيماز، ثم بعد قتلغ، فنازلها جوسلين ملك الفرنج، فبذلوا له مالًا، فترحل، وجاء التقليد من السلطان محمود بحلب لزنكي، فدخلها، ورتب أمورها، وافتتح مدائن عدة، ودوخ الفرنج، وكان أعداؤه محيطين به من الجهات، وهو ينتصف منهم، ويستولي على بلادهم.

قال ابن واصل: لم يخلف قسيم الدولة مملوك السلطان ألب آرسلان ولدًا غير زنكي، وله يومئذ عشر سنين، فالتف عليه غلمان أبيه ورباه كربوقا، وأحسن إليه.

قلت: نازل زنكي قلعة جعبر، وحاصر ملكها علي بن مالك، وأشرف على أخذها، فأصبح مقتولًا، وفر قاتله خادمه إلى جعبر، وذلك في خامس ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين وخمس مائة، فتملك ابنه نور الدين بالشام، وابنه غازي بالموصل.

وقال ابن الأثير: وثب عليه جماعة من مماليكه في الليل، وهربوا إلى جعبر، فصاحب أهلها، وفرحوا.

زاد عمر زنكي على الستين.


(١) ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "١٠/ ترجمة ١٧٥"، ووفيات الأعيان "٢/ ترجمة ٢٤٥"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "٥/ ١٧٨ - ٢٧٩"، وشذرات الذهب لابن العماد "٤/ ١٢٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>