٢٤٤٧ - المكتفي بالله (١):
الخليفة أبو محمد علي بن المعتضد بالله أبي العباس أحمد بن الموفق طلحة بن المتوكل العباسي.
مولده في سنة أربع وستين ومائتين.
وكان يضرب بحسنه المثل في زمانه.
كان معتدل القامة دري اللون أسود الشعر حسن اللحية.
بويع بالخلافة عند موت والده بعهد منه في جمادى الأولى سنة تسع وثمانين، فاستخلف ستة أعوام ونصفًا.
وتوفي أبوه وهذا غائب، فقام له بالبيعة الوزير أبو الحسين القاسم بن عبيد الله وضبط له، ما خلف أبوه في بيوت المال فكان من ذلك من الذهب المصري عشرة آلاف ألف دينار ومن الجواهر ما قيمته مثل ذلك، ومن الدراهم والخيل والثياب نسبة ذلك وقسم القاسم في الجند العطاء فسكنوا، وقدم المتكفي بغداد منحدرًا في سميرية، وكان يومًا مشهودًا سقط طائفة من الجسر في دجلة منهم أبو عمر القاضي فأخرج سالمًا، ونزل المكتفي بقصر الخلافة، وتكلمت الشعراء فخلع على القاسم سبع خلع، وقلده سيفًا وهدم المطامير التي عملها أبوه، وصيرها مساجد، ورد أملاك الناس إليهم وكان أبوه قد أخذها لعمل قصر، وأحسن السيرة فأحبه الناس.
وفيها: عسكر محمد بن هارون وبيض والتقى متولي الري فهزم جيشه، وقتله وقتل ولديه وقواده، وتملك.
ودامت الزلزلة ببغداد أيامًا.
وهبت بالبصرة ريح قلعت أكثر نخلها.
وظهر زكرويه القرمطي، واستغوى عرب السواد وأخاف السبل، وقطع الطرق.
وأما ابن هارون: فاشتد بأسه، وبلغ عسكره مئة ألف فسار لحربه عسكر خراسان فهزموه إلى الديلم وتفلل ذلك الجمع فالتجأ في نحو من ألف إلى الديلم.
وقوي أمر أبي عبد الله الشيعي داعي العبيدية بالمغرب.
وصلى المكتفي بالناس يوم الأضحى بالمصلى.
وقتل الأمير بدر وكان المعتضد يحبه وكان شجاعًا جوادًا، وقد كان القاسم الوزير هم عند موت المعتضد بنقل الخلافة إلى غير ابنه، وناظر بدرًا في ذلك فأبى عليه ثم خاف منه، ومات المعتضد واتفق غيبة بدر بفارس، وكان بينه وبين المكتفي شيء فأشار القاسم على المكتفي أن يأمر بإقامة بدر هناك، وخوف المكتفي منه فكتب إليه مع يانس الموفقي، وبعث إليه بخلع وعشرة آلاف ألف درهم فقال: لا بد من القدوم لأشاهد مولاي فقال الوزير للمكتفي: قد جاهرك، ولا نأمنه وكاتب الوزير الأمراء الذين مع بدر بالمجيء فأروا بدرًا الكتب، وقالوا: قم معنا حتى نجمع بينكما ثم فارقوه وقدموا ثم جاء بدر فنزل واسطًا فبعث إليه أبو خازم القاضي وقال: اذهب إلى بدر بالأمان، والعهود فامتنع أبو خازم
(١) ترجمته في تاريخ بغداد "١١/ ٣١٦"، والعبر "٢/ ١٠٢"، والمنتظم لابن الجوزي "٦/ ٣١"، وفوات الوفيات لمحمد بن شاكر الكتبي "٣/ ٥ - ٦"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "٣/ ١٨٣"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "٢/ ٢١٩".