وعقد له أخوه بولاية العهد من بعد ولده جعفر في سنة أحدى وستين ومئتين فكان الموفق بيده العقد والحل لا يبرم أمر دونه وكان من أعلاهم رتبة وأنبلهم رأيا واشجعهم قلباً وأوفرهم هيبة وأجودهم كفاً وكان محبوباً إلى الرعية ولا سيما لما استؤصل الخبيث طاغوت الزنج على يديه فأنه ما زال يحاربه حتى ظفر به ولذا لقبه الناس الناصر لدين الله.
قال إسماعيل الخطبي: لم يزل أمر الموفق يقوى ويزيد حتى صار صاحب الجيش وكلهم تحت يده ولما غلب على الأمر حظر على المعتمد واحتاط عليه وعلى ولده ووكل بهم وأجرى الأمور مجاريها. مات في صفر سنة ثمأن وسبعين ومئتين. وكان قد غضب على ابنه وسجنه خوفا منه فلما احتضر أخرجه وفوض إليه منصبه.
٢٣١٧ - أبو أحمد القلانسي (٣٧٢)
شيخ الصوفية القدوة أبو أحمد مصعب بن أحمد البغدادي صاحب أبي حمزة وماتا في وقت. حكى عنه: الواعظ علي بن محمد المصري وغيره. قال ابن الأعرابي: الحكايات عن أخلاقه ومذاهبه يطول بها الكتاب صحب أبا عثمان والوراق وسافر مع عبد الله الرباطي وكان مقدماً على جميع مريدي بغداد لما كان فيه من السخاء والأخلاق ومراعاته مذاهب النسك مع طيب القلب ورقته وعلو الإشارة وشدة الاحتراق وعبارته كانت دون إشارته وله نكت وإشارات صحبته إلى أن مات فما رأيته بيت درهماً يتكلم في الأحوال والمقامات وكان النوري يقدمه في ذلك.
قال منبه البصري: سافرت مع أبي أحمد فجعنا جوعاً شديداً ففتح علينا بشيء من طعام فآثرني به وكان معنا سويق فقال: يا منبه تكون جملي يمزح قلت: نعم فكان يؤجرني السويق.
قال ابن الأعرابي: كان أبو أحمد يكرمه من أدركت كأبي حمزة وسعد الدمشقي والجنيد وابن الخلنجي ويحبونه ثم أنه تزوج فما أغلق باباً ولا ادخر شيئاً عن أصحابه