٥٢٠٤ - الرفاعي (١):
الإمام، القدوة، العابد، الزاهد، شيخ العارفين، أبو العباس أحمد بن أبي الحسن علي بن أحمد بن يحيى بن حازم بن علي بن رفاعة الرفاعي المغربي ثم البطائحي.
قدم أبوه من المغرب، وسكن البطائح، بقرية أم عبيدة. وتزوج بأخت منصور الزاهد، ورزق منها الشيخ أحمد وإخوته.
وكان أبو الحسن مقرئًا يؤم بالشيخ منصور، فتوفي وابنه أحمد حمل. فرباه خاله، فقيل: كان مولده في أول سنة خمس مائة.
قيل: إنه أقسم على أصحابه إن كان فيه عيب ينبهونه عليه، فقال الشيخ عمر الفاروثي: يا سيدي أنا أعلم فيك عيبًا. قال: ما هو? قال: يا سيدي، عيبك أننا من أصحابك. فبكى الشيخ والفقراء، وقال أي عمر: إن سلم المركب، حمل من فيه.
قيل: إن هرةً نامت على كم الشيخ أحمد، وقامت الصلاة، فقص كمه، وما أزعجها، ثم قعد، فوصله، وقال: ما تغير شيء.
وقيل: توضأ، فنزلت بعوضة على يده، فوقف لها حتى طارت.
وعنه قال: أقرب الطريق الانكسار والذل والافتقار؛ تعظم أمر الله، وتشفق على خلق الله، وتقتدي بسنة رسول الله ﷺ.
وقيل: كان شافعيًا يعرف الفقه. وقيل: كان يجمع الحطب، ويجيء به إلى بيوت الأرامل، ويملأ لهم بالجرة.
قيل له: أيش أنت يا سيدي? فبكى، وقال: يا فقير، ومن أنا في البين، ثبت نسب واطلب ميراث.
وقال: لما اجتمع القوم، طلب كل واحد شيء، فقال هذا اللاش أحمد: أي رب علمك محيط بي وبطلبي فكرر علي القول. قلت: أي مولاي، أريد أن لا أريد، وأختار أن لا يكون لي اختيار، فأجبت، وصار الأمر له وعليه.
وقيل: إنه رأى فقيرًا يقتل قملةً، فقال: لا واخذك الله، شفيت غيظك?!
وعنه أنه قال: لو أن عن يميني جماعةً يروحوني بمراوح الند والطيب، وهم أقرب الناس إلي، وعن يساري مثلهم يقرضون لحمي بمقاريض وهم أبغض الناس إلي، ما زاد هؤلاء عندي، ولا نقص هؤلاء عندي بما فعلوه، ثم تلا: ﴿لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ﴾ [الحديد: ٢٣].
وقيل: أحضر بين يديه طبق تمر، فبقي ينقي لنفسه الحشف يأكله، ويقول: أنا أحق بالدون، فإني مثله دون.
(١) ترجمته في وفيات الأعيان "١/ ترجمة ٧٠"، وشذرات الذهب لابن العماد "٤/ ٢٥٩".