وتسمى غزوة بني المصطلق، كانت في شعبان سنة خمس على الصحيح، بل المجزوم به.
قال الواقدي: استخلف النبي ﷺ فيها على المدينة زيد بن حارثة. فحدثني شعيب بن عباد عن المسور بن رفاعة، قال: خرج رسول الله ﷺ في سبعمائة.
وقال يونس بن بكير: قال ابن إسحاق: حدثني محمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر، وعبد الله بن أبي بكر، قالوا: خرج رسول الله ﷺ، وبلغه أن بني المصطلق يجمعون له، وقائدهم الحارث بن أبي ضرار أبو جويرية أم المؤمنين، فسار النبي ﷺ حتى نزل بالمريسيع، ماء من مياههم؛ فأعدوا لرسول الله ﷺ فتزاحف الناس فاقتتلوا، فهزم رسول الله ﷺ بني المصطلق وقتل من قتل منهم ونفل نساءهم وأبناءهم وأموالهم، وأقام عليهم من ناحية قديد والساحل.
وقال الواقدي، عن معمر وغيره: أن بني المصطلق من خزاعة كانوا ينزلون ناحية الفرع، وهم حلفاء بني مدلج، وكان رأسهم الحارث بن أبي ضرار، وكان قد سار في قومه ومن قدر عليه، وابتاعوا خيلا وسلاحا، وتهيئوا للمسير إلى رسول الله ﷺ.
قال الواقدي: وحدثني سعيد بن عبد الله بن أبي الأبيض، عن أبيه، عن جدته، وهي مولاة جويرية، سمعت جويرية تقول: أتانا رسول الله ﷺ ونحن على المريسيع، فأسمع أبي يقول: أتانا ما لا قبل لنا به. قالت: وكنت أرى من الناس والخيل والعدة ما لا أصف من الكثرة، فلما أن أسلمت وتزوجني رسول الله ﷺ ورجعنا جعلت أنظر إلى المسلمين فليسوا كما كنت أرى، فعرفت أنه رعب من الله، وكان رجل منهم قد أسلم يقول: لقد كنا نرى رجالا بيضا على خيل بلق، ما كنا نراهم قبل ولا بعد.
قال الواقدي: ونزل رسول الله ﷺ الماء، وضربت له قبة من أدم، ومعه عائشة وأم سلمة، وصف رسول الله ﷺ أصحابه، ثم أمر عمر فنادى فيهم، قولوا: لا إله إلا الله، تمنعوا بها أنفسكم وأموالكم، ففعل عمر، فأبوا. فكان أول من رمى رجل منهم بسهم، فرمى المسلمون ساعة بالنبل، ثم إن رسول الله ﷺ أمر أصحابه أن يحملوا، فحملوا، فما أفلت منهم إنسان، فقتل منهم عشرة وأسر سائرهم، وقتل من المسلمين رجل واحد.
وقال ابن عون: كتبت إلى نافع أسأله عن الدعاء قبل القتال، فكتب: إنما كان ذلك في أول الإسلام، قد أغار رسول الله ﷺ على بني المصطلق وهم غارون، وأنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلتهم وسبى سبيهم، فأصاب يومئذ -أحسبه قال: جويرية- وحدثني ابن عمر بذلك، وكان في ذلك الجيش. متفق عليه.
وقال إسماعيل بن جعفر، عن ربيعة الرأي، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن ابن محيريز، سمع أبا سعيد يقول: غزونا مع رسول الله ﷺ بني المصطلق فسبينا كرائم العرب، وطالت علينا العزبة، ورغبنا في الفداء فأردنا أن نستمتع ونعزل، فسألنا رسول الله ﷺ فقال: