٢٤٤٦ - المعتضد بالله (١):
الخليفة، أبو العباس أحمد بن الموفق بالله، ولي العهد، أبي أحمد طلحة بن المتوكل جعفر بن المعتصم محمد بن الرشيد الهاشمي العباسي.
ولد في أيام جده سنة اثنتين وأربعين ومائتين.
ودخل دمشق سنة إحدى وسبعين لحرب ابن طولون، واستخلف بعد عمه المعتمد في رجب سنة تسع.
وكان ملكًا مهيبًا شجاعًا، جبارًا، شديد الوطأة، من رجال العالم يقدم على الأسد وحده.
وكان أسمر نحيفًا معتدل الخلق، كامل العقل.
قال المسعودي: كان قليل الرحمة، إذا غضب على أمير حفر له حفيرة، وألقاه حيًّا، وطم عليه.
وكان ذا سياسة عظيمة، قيل: إنه تصيد فنزل إلى جانب مقثأة فصاح الناطور فطلبه فقال: إن ثلاثة غلمان دخلوا المقثأة، وأخذوا فجيء بهم فاعتقلوا، ومن الغد ضربت أعناقهم فقال لابن حمدون: اصدقني عني فذكرت الثلاثة فقال: والله ما سفكت دمًا حرامًا منذ وليت الخلافة، وإنما قتلت حرامية قد قتلوا أوهمت أنهم الثلاثة قلت: فأحمد بن الطيب قال: دعاني إلى الإلحاد.
روى أبو العباس بن سريج عن إسماعيل القاضي قال: دخلت على المعتضد، وعلى رأسه أحداث روم ملاح فنظرت إليهم فرآني المعتضد أتأملهم فلما أردت الانصراف أشار إلي ثم قال: أيها القاضي والله ما حللت سراويلي على حرام قط.
ودخلت مرة فدفع إلي كتابًا فنظرت فيه فإذا قد جمع له فيه الرخص من زلل العلماء فقلت مصنف هذا زنديق فقال: ألم تصح هذه الأحاديث قلت: بلى ولكن من أباح المسكر لم يبح المتعة، ومن أباح المتعة لم يبح الغناء، وما من عالم إلى وله زلة ومن أخذ بكل زلل العلماء ذهب دينه فأمر بالكتاب فأحرق.
قال أبو علي المحسن التنوخي: بلغني عن المعتضد أنه كان جالسًا في بيت يبنى له فرأى فيهم أسود منكر الخلقة يصعد السلالم درجتين درجتين، ويحمل ضعف ما يحمله غيره فأنكر ذلك، وطلبه وسأله عن سبب ذلك فتلجلج فكلمه ابن حمدون فيه، وقال: من هذا حتى صرفت فكرك إليه قال: قد وقع في خلدي أمر ما أحسبه باطلًا ثم أمر به فضرب مائة، وتهدده بالقتل ودعا بالنطع والسيف فقال: الأمان أنا أعمل في أتون الآجر فدخل من شهور رجل في وسط هميان فأخرج دنانير، فوثبت عليه، وسددت فاه وكتفته وألقيته في الأتون والذهب معي يقوى به قلبي فاستحضرها فإذا على الهميان اسم صاحبه فنودي في البلد فجاءت امرأة فقالت: هو زوجي ولي منه طفل فسلم الذهب إليها وقتله.
قال التنوخي: وبلغني أنه قام ليلة فرأى المماليك المرد واحد منهم فوق آخر ثم دب على ثلاثة، واندس بين الغلمان فجاء فوضع يده على صدره فإذا بفؤاده يخفق فرفسه برجله فجلس فذبحه.
(١) ترجمته في مروج الذهب للمسعودي "٢/ ٤٦٢ - ٤٩٠"، والأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "١٠/ ٤١"، وتاريخ بغداد "٤/ ٤٠٣"، والمنتظم لابن الجوزي "٥/ ١٣٣" و"٦/ ٣٤"، والعبر "٢/ ٨٠" والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "٦/ ٤٢٨"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "٣/ ١٢٦"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "٢/ ١٩٩".