قال ابن إسحاق، عن عاصم بن عمر، وعبد الله بن أبي بكر بن حزم: أن رسول الله ﷺ قلما كان يخرج في غزوة إلا أظهر أنه يريد غيرها، إلا غزوة تبوك فإنه قال: أيها الناس، إني أريد الروم. فأعلمهم. وذلك في شدة الحر وجدب من البلاد، وحين طابت الثمار؛ والناس يحبون المقام في ثمارهم.
فبينا رسول الله ﷺ ذات يوم في جهازه، إذ قال للجد بن قيس:"يا جد، هل لك في بنات بني الأصفر"؟. فقال: يا رسول الله، لقد علم قومي أنه ليس أحد أشد عجبا بالنساء مني، وإني أخاف إن رأيت نساء بني الأصفر أن يفتنني، فائذن لي يا رسول الله. فأعرض عنه رسول الله ﷺ، وقال:"قد أذنت لك". فنزلت: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا﴾ [التوبة: ٤٩]، قال: وقال رجل من المنافقين: ﴿لا تَنْفِرُوا فِي الْحَر﴾، فنزلت ﴿قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا﴾ [التوبة: ٨١].
ولم ينفق أحد أعظم من نفقة عثمان، وحمل على مائتي بعير.
قال عمرو بن مرزوق: حدثنا السكن بن أبي كريمة، عن الوليد بن أبي هشام، عن فرقد أبي طلحة، عن عبد الرحمن بن خباب، قال: شهدت رسول الله ﷺ وحث على جيش العسرة، قال: فقام عثمان ﵁ فقال: يا رسول الله، علي مائة بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله. قال: ثم حث ثانية، فقام عثمان فقال: يا رسول الله، علي مائتا بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله. ثم حض، أو قال: حث، الثالثة، فقام عثمان فقال: يا رسول الله، علي ثلاث مائة بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله. قال عبد الرحمن: أنا شهدت رسول الله ﷺ وهو يقول على المنبر: "ما على عثمان ما عمل بعد اليوم". أو قال:"بعدها". رواه أبو داود الطيالسي وغيره، عن السكن بن المغيرة.
وقال ضمرة، عن ابن شوذب، عن عبد الله بن القاسم، عن كثير مولى عبد الرحمن بن سمرة، عن مولاه، قال: جاء عثمان إلى النبي ﷺ بألف دينارحين جهز جيش العسرة، ففرغها في حجر النبي ﷺ، فجعل يقلبها ويقول:"ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم". قالها مرارا.
وقال بريد، عن أبي بردة، عن أبي موسى، قال: أرسلني أصحابي إلى رسول الله ﷺ أسأله لهم الحملان، إذ هم معه في جيش العسرة؛ وهي غزوة تبوك. وذكر الحديث. متفق عليه.