للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٤١٩ - هِفْتكين (١):

ويقال: أفتكين التركي، أحد الشجعان والأبطال، من أمراء سُبُكْتِكين بالعراق.

مات مخدومه سبكتكين بواسط، ومعهم الخليفة الطائع، فتقدَّم هفتكين على الأتراك، وحاربوا عز الدولة بختيار بن بويه أيامًا، والظفر للترك، فاستنجد عز الدولة بابن عمه عضد الدولة، فسار هفتكين إلى الشام، واستولى على كثير منها، ونزل بظاهر حمص، فسار إليه الأمير ظالم العقيلي ليحاربه، فبادر هفتكين إلى دمشق بمكاتبه من الكبراء، وتملَّك وخطب للطائع، ومحا ذكر المعز العبيدي، وجمع العساكر، وسار في شعبان سنة أربع وستين فنزل على صيدا، وحارب المعزية، وكسرهم، وقُتِلَ خلق منهم، وأخذت مراكبهم، فبادر لحربه جوهر مقدَّم الجيوش، فتحصَّن هفتكين بدمشق، فحاصره جوهر سبعة أشهر، ثم بلغه مجيء القرامطة من الأحساء فتَرَجَّل، فساق وراءه هفتكين ومعه القرامطة، فالتقى الجمعان بعسقلان، فيحاصره هفتكين بها خمسة عشر شهرًا، ثم خرج بالأمان وسلَّمَها، فأقبل العزيز صاحب مصر في سبعين ألفًا، فتشجَّع هفتكين، وعمل معهم المصافّ، وثبت وبين، ثم تفلل عسكره. وأسر في أول سنة ثمان وستين، ومَنَّ عليه العزيز وأعطاه إمرة كبيرة، وصار له موكب حتى خافه الوزير ابن كلس، فتحيّل وسَمَّه، ويقال: بل مرض ومات في أول سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة.

وإلى شجاعته المنتهى، وهو من مماليك معز الدولة بن بويه.

وكان العزيز قد بذل مائة ألف دينار لمن أسر هفتكين، فتحيَّل عليه الأمير مفرّج الطائي، وأنزله، ثم غدر به وأسلمه.

وكان قد كتب إلى عضد الدولة أنَّ الشام قد صفا، وصار في يدي، وزال عنه حكم العزيز، فإنَّ قويتني بالمال والرجال حاربت القوم في دارهم، فأجابه عضد الدولة بهذه الألفاظ السائرة: غَرَّكَ عِزُّك، فصار قصار ذلك ذلك، فاخْشَ فاحش فِعْلِك، فعلَّك بهذا تُهد، والسلام.


(١) ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "٤/ ٥٣"، والعبر "٢/ ٣٤٩"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردى "٤/ ١٣٣"، وشذرات الذهب لابن العماد "٣/ ٦٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>