الإمام، العلامة، سيد الفقهاء، يوسف أبو يعقوب بن يحيى المصري، البويطي، صاحب الإمام الشافعي لازمه مدة، وتخرج به، وفاق الأقران.
وحدث عن: ابن وهب، والشافعي، وغيرهما.
روى عنه: الربيع المرادي، وإبراهيم الحربي، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وأبو محمد الدارمي، وأبو حاتم، وقال: هو صدوق، وأحمد بن إبراهيم بن فيل، والقاسم بن هاشم السمسار، وآخرون.
وكان إمامًا في العلم، قدوة في العمل، زاهدًا ربانيًّا متهجدًا، دائم الذكر والعكوف على الفقه.
بلغنا أن الشافعي قال: ليس في أصحابي أحد أعلم من البويطي.
وقال الربيع بن سليمان: كان البويطي أبدًا يحرك شفتيه بذكر الله، وما أبصرت أحدًا أنزع بحجة من كتاب الله من البويطي، ولقد رأيته على بغل في عنقه غل، وفي رجليه قيد، وبينه وبين الغل سلسلة فيها لبنة، وزنها أربعون رطلًا، وهو يقول: إنما خلق الله الخلق بـ"كن"، فإذا كانت مخلوقة، فكأن مخلوقًا خلق بمخلوق، ولئن أدخلت عليه لأصدقنه -يعني: الواثق- ولأموتن في حديدي هذا حتى يأتي قوم يعلمون أنه قد مات في هذا الشأن قوم في حديدهم.
قال ابن خزيمة: كان محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أعلم من رأيت بمذهب مالك، فوقع بينه وبين البويطي عند موت الشافعي، فحدثني أبو جعفر السكري، قال: تنازع ابن عبد الحكم والبويطي مجلس الشافعي، فقال البويطي: أنا أحق به منك، وقال الآخر كذلك، فجاء الحميدي، وكان بمصر، فقال: قال الشافعي: ليس أحد أحق بمجلسي من يوسف، ليس أحد من أصحابي أعلم منه. فقال ابن عبد الحكم: كذبت. قال: بل كذبت أنت وأبوك وأمك، وغضب ابن عبد الحكم، فجلس البويطي في مكان الشافعي، وجلس ابن عبد الحكم في الطاق الثالث.
(١) ترجمته في الجرح والتعديل "٩/ ترجمة ٩٨٨"، وتاريخ بغداد "١٤/ ٢٩٩"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "٧/ ترجمة ٨٣٥"، والكاشف "٣/ ترجمة ٦٥٧٤"، والعبر "١/ ٤١١"، وتهذيب التهذيب "١١/ ٤٢٧" وتقريب التهذيب "٢/ ٣٨٣"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "٢/ ٢٦٠"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "٢/ ٧١".