القاضي زكريا بن أحمد البلخي: حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد الترمذي، حدثنا الربيع بن سليمان، قال: كان البويطي حين مرض الشافعي بمصر هو وابن عبد الحكم والمزني، فتنازعوا الحلقة، فبلغ ذلك الشافعي، فقال: الحلقة للبويطي. فلهذا اعتزل ابن عبد الحكم الشافعي وأصحابه، وكانت أعظم حلقة في المسجد. فكان البويطي يصوم، ويتلو غالبًا في اليوم والليلة ختمة مع صنائع المعروف إلى الناس.
وبه إلى الربيع قال: فسعي بالبويطي، وكان أبو بكر الأصم ممن سعى به -وما هو بابن كيسان الأصم- وكان أصحاب ابن أبي دؤاد، وابن الشافعي ممن سعى به، حتى كتب فيه ابن أبي دؤاد إلى والي مصر، فامتحنه فلم يجب، وكان الوالي حسن الرأي فيه، فقال له: قل فيما بيني وبينك. قال: إنه يقتدي بي مائة ألف، ولا يدرون المعنى. قال: وقد كان أمر أن يحمل إلى بغداد في أربعين رطل حديد.
قال الربيع: وكان المزني ممن سعى به وحرملة.
قال أبو جعفر الترمذي: فحدثني الثقة، عن البويطي أنه قال: برئ الناس من دمي إلا ثلاثة: حرملة والمزني وآخر.
قلت: استفق، ويحك! وسل ربك العافية، فكلام الأقران بعضهم في بعض أمر عجيب، وقع فيه سادة، فرحم الله الجميع.
قال الربيع: كتب إلى أبو يعقوب البويطي: أن اصبر نفسك للغرباء، وحسن خلقك لأهل حلقتك، فإني لم أزل أسمع الشافعي يقول كثيرًا ويتمثل:
أهين لهم نفسي لكي يكرمونها … ولن تكرم النفس التي لا تهينها
مات الإمام البويطي: في قيده، مسجونًا بالعراق في سنة إحدى وثلاثين ومائتين.
عندي حديث في "مسند أبي محمد الدارمي": حدثنا أبو يعقوب البويطي، حدثنا الشافعي، فذكره.