للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[ذكر مبعثه ]

قال الزهري، عن عروة عن عائشة، قالت: أول ما بدئ به النبي من الوحي الرؤيا الصالحة ثم حبب إليه الخلاء، فكان يأتي حراء فيتحنث فيه، أي: يتعبد الليالي ذوات العدد ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى فجأه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ، قال: "فقلت: ما أنا بقارئ فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ. فأخذني الثانية فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال: اقرأ. فقلت: ما أنا بقارئ. فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ ". حتى بلغ إلى قوله: ﴿مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ [العلق: ١ - ٥]، قالت: فرجع بها ترجف بوادره (١) حتى دخل على خديجة فقال: "زملوني" (٢). فزملوه حتى ذهب عنه الروع فقال: "يا خديجة ما لي! ". وأخبرها الخبر وقال: "قد خشيت [على نفسي] ". فقالت له: كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث، وتحمل الكل [وتكسب المعدوم، وتقري الضيف]، وتعين على نوائب الحق. ثم انطلقت به خديجة إلى ابن عمها ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى، وكان امرأ تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الخط العربي، فكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا قد عمي. فقالت: اسمع من ابن أخيك. فقال: يابن أخي ما ترى؟ فأخبره، فقال ورقة: هذا الناموس الذي أنزل على موسى، يا ليتني فيها جذعا حين يخرجك قومك، قال: "أومخرجي هم"؟. قال: نعم، إنه لم يأت أحد بما جئت به إلا عودي وأوذي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا. ثم لم ينشب ورقة أن توفي (٣).

فروى الترمذي، عن أبي موسى الأنصاري، عن يونس بن بكير، عن عثمان بن عبد الرحمن، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: سئل النبي عن ورقة، فقالت له خديجة: إنه -يا رسول الله- كان صدقك، وإنه مات قبل أن تظهر. فقال: "رأيته في المنام عليه ثياب بيض، ولو كان من أهل النار لكان عليه لباس غير ذلك".


(١) بوادره: جمع بادرة، وهي لحمة بين المنكب والعتق، وتبدر عند الغضب.
(٢) زملوني: أي غطوني.
(٣) صحيح: أخرجه البخاري "٣"، ومسلم "١٦٠" من طريق ابن شهاب به.
ووقع عند مسلم: "وكان يكتب الكتاب العربي، ويكتب الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب".
ووقع عند البخاري: "وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب".
تنبيه: ما وضعته بين معكوفين سقط استدركته من صحيح مسلم فاللفظ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>