قال: وقدم على رسول الله ﷺ كتاب ملوك حمير؛ مقدمه من تبوك، ورسولهم إليه بإسلامهم: الحارث بن عبد كلال، ونعيم بن عبد كلال، والنعمان قيل ذي رعين، ومعافر، وهمدان. وبعث إليه ذو يزن، مالك بن مرة الرهاوي بإسلامهم. فكتب إليهم النبي ﷺ كتابا يذكر فيه فريضة الصدقة، وأرسل إليهم معاذ بن جبل في جماعة، وقال لهم: إني قد أرسلت إليكم من صالحي أهلي، وأولي دينهم وأولي علمهم، وآمركم بهم خيرا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وقال إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق السبيعي، عن أبيه، عن جده، عن البراء، أن النبي ﷺ بعث خالد بن الوليد إلى أهل اليمن، يدعوهم إلى الإسلام. قال البراء: فكنت فيمن خرج مع خالد، فأقمنا ستة أشهر يدعوهم إلى الإسلام فلم يجيبوه. ثم إن النبي ﷺ بعث عليا ﵁ فأمره أن يقفل خالدا، إلا رجل كان يمم مع خالد أحب أن يعقب مع علي فليعقب معه. فكنت فيمن عقب مع علي. فلما دنونا من القوم خرجوا إلينا، فصلى بنا علي، ثم صفنا صفا واحدا، ثم تقدم بين أيدينا وقرأ عليهم كتاب رسول الله ﷺ، فأسلمت همدان جمعا. فكتب علي إلى رسول الله ﷺ، فلما قرأ الكتاب خر ساجدا ثم رفع رأسه فقال:"السلام على همدان، السلام على همدان". هذا حديث صحيح أخرج البخاري بعضه بهذا الإسناد.
وقال الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن علي: بعثني النبي ﷺ إلى اليمن، فقلت: يا رسول الله، تبعثني وأنا شاب أقضي بينهم ولا علم لي بالقضاء؟ فضرب بيده في صدري، وقال:"اللهم اهد قلبه وثبت لسانه". فما شككت في قضاء بين اثنين أخرجه ابن ماجه.
وقال محمد بن علي، وعطاء، عن جابر، أن عليا قدم من اليمن على رسول الله ﷺ في حجة الوداع. متفق عليه. من حديث عطاء.
وقال شعبة، وغيره، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن أبي موسى؛ أن رسول الله ﷺ بعثه ومعاذ بن جبل إلى اليمن، فقال:"يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا". متفق عليه، ومن أوجه أخر بأطول من هذا.
وفي "الصحيح" للبخاري، من حديث طارق بن شهاب، عن أبي موسى، قال: بعثني رسول الله ﷺ إلى أرض قومي. قال: فجئته وهو منيخ بالأبطح. قال: فسلمت عليه.