فعرفت أنه ليس ملك كسرى ولا قيصر، فأسلمت. فرأيت وجهه قد استبشر، وقال:"إن المغضوب عليهم اليهود والضالين النصارى". وذكر باقي الحديث.
وقال حماد زيد، عن أيوب، عن محمد، قال: قال أبو عبيدة بن حذيفة، قال رجل:
كنت أسأل عن حديث عدي وهو إلى جنبي لا أسأله، فأتيته، فقال: بعث الله محمدا ﷺ فكرهته أشد ما كرهت شيئا قط. فخرجت حتى أقصى أرض العرب مما يلي الروم. ثم كرهت مكاني فقلت: لو أتيته وسمعت منه. فأتيت إلى المدينة، فاستشرفني الناس؛ وقالوا: جاء عدي بن حاتم، جاء عدي بن حاتم. فقال:"يا عدي بن حاتم، أسلم تسلم". فقلت: إني على دين: قال: "أنا أعلم بدينك منك، ألست ركوسيا"؟ (١) قلت: بلى. قال:"ألست ترأس قومك"؟ قلت: بلى. قال:"ألست تأخذ المرباع" قلت: بلى. قال:"فإن ذلك لا يحل في دينك". قال: فوجدت بها علي غضاضة. ثم قال:"إنه لعله أن يمنعك أن تسلم أن ترى بمن عندنا خصاصة، وترى الناس علينا إلبا واحدا. هل رأيت الحيرة"؟ قلت: لم أرها، وقد علمت مكانها. قال:"فإن الظعينة سترحل من الحيرة حتى تطوف بالبيت بغير جوار، ولتفتحن علينا كنوز كسرى بن هرمز". قلت: كنوز كسرى بن هرمز؟ قال:"نعم، وليفيضن المال حتى يهم الرجل من يقبل ماله منه صدقة". قال: فلقد رأيت الظعينة ترحل من الحيرة بغير جوار، وكنت في أول خيل أغارت على المدائن. ووالله لتكونن الثالثة، إنه لحديث رسول الله ﷺ. وروى نحوه هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي عبيدة.
وقال ابن إسحاق: قدم على رسول الله ﷺ فروة بن مسيك المرادي، مفارقا لملوك كندة، فاستعمله النبي ﷺ على مراد وزبيد ومذحج كلها، وبعث معه على الصدقة خالد بن سعيد بن العاص، فكان معه حتى توفي رسول الله ﷺ.
قال: وقدم على رسول الله ﷺ وفد كندة، ثمانون راكبا فيهم الأشعث بن قيس. فلما دخلوا على رسول الله ﷺ قال:"ألم تسلموا"؟ قالوا: بلى. قال: فما بال هذا الحرير في أعناقكم؟ قال: فشقوه وألقوه.
قال: وقدم على رسول الله ﷺ صرد بن عبد الله الأزدي فأسلم، في وفد من الأزد.