للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٦٢٧ - الغَزَّالي (١):

الشيخ الإمام البحر، حجة الإسلام، أعجوبة الزمان، زين الدين أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي، الشافعي، الغزالي، صاحب التصانيف، والذكاء المفرط.

تفقه ببلده أولًا، ثم تحول إلى نيسابور في مرافقة جماعة من الطلبة، فلازم إمام الحرمين، فبرع في الفقه في مدة قريبة، ومهر في الكلام والجدل، حتى صار عين المناظرين، وأعاد للطلبة، وشرع في التصنيف، فما أعجب ذلك شيخه أبا المعالي، ولكنه مظهرٌ للتبجح به، ثم سار أبو حامد إلى المخيم السلطاني، فأقبل عليه نظام الملك الوزير، وسر بوجوده، وناظر الكبار بحضرته، فانبهر له، وشاع أمره، فولاه النظام تدريس نظامية بغداد، فقدمها بعد الثمانين وأربع مائة، وسنه نحو الثلاثين، وأخذ في تأليف الأصول والفقه والكلام والحكمة، وأدخله سيلان ذهنه في مضايق الكلام، ومزال الأقدام، ولله سر في خلقه.

وعظم جاه الرجل، وازدادت حشمته بحيث إنه في دست أمير، وفي رتبة رئيس كبير، فأداه نظره في العلوم وممارسته لأفانين الزهديات إلى رفض الرئاسة، والإنابة إلى دار الخلود، والتأله، والإخلاص، وإصلاح النفس، فحج من وقته، وزار بيت المقدس، وصحب الفقيه نصر بن إبراهيم بدمشق، وأقام مدة، وألف كتاب "الإحياء"، وكتاب "الأربعين"، وكتاب "القسطاس"، وكتاب "محك النظر". وراض نفسه وجاهدها، وطرد شيطان الرعونة، ولبس زي الأتقياء، ثم بعد سنواتٍ سار إلى وطنه، لازمًا لسننه، حافظًا لوقته، مكبًا على العلم.

ولما وزر فخر الملك، حضر أبا حامد، والتمس منه أن لا يبقي أنفاسه عقيمة، وألح على الشيخ، إلى أن لان إلى القدوم إلى نيسابور، فدرس بنظاميتها.

فذكر هذا وأضعافه عبد الغافر في "السياق" إلى أن قال: ولقد زرته مرارًا، وما كنت


(١) ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "٩/ ١٦٨"، واللباب لابن الأثير "٢/ ٣٧٩"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "٤/ ٢١٦"، والعبر "٤/ ١٠"، وطبقات الشافعية للسبكي "٦/ ١٩١"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "٥/ ٢٠٣"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "٤/ ١٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>