للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٢٧٨ - السهروردي (١):

العلامة، الفيلسوف السيماوي المنطقي، شهاب الدين يحيى بن حبش بن أميرك السهروردي، من كان يتوقد ذكاءً، إلَّا أنه قليل الدين.

وقال ابن أبي أصيبعة: اسمه عمر، وكان أوحد في حكمة الأوائل، بارعًا في أصول الفقه، مفرط الذكاء، فصيحًا، لم يناظر أحدًا إلَّا أربى عليه.

قال الفخر المارديني: ما أذكى هذا الشاب وأفصحه، إلَّا أني أخشى عليه لكثرة تهوره واستهتاره.

قال: ثم إنه ناظر فقهاء حلب، فلم يجاره أحد، فطلبه الظاهر، وعقد له مجلسًا، فبان فضله، فقربه الظاهر، واختص به، فشنعوا، وعملوا محاضر بكفره، وبعثوها إلى السلطان، وخوفوه أن يفسد اعتقاد ولده، فكتب إلى ولده بخط الفاضل يأمره بقتله حتمًا، فلما لم يبق إلَّا قتله، اختار لنفسه أن يمات جوعًا، ففعل ذلك في أواخر سنة ست وثمانين بقلعة حلب، وعاش ستًا وثلاثين سنةً.

قال ابن أبي أصيبعة: وحدثني إبراهيم بن صدقة الحكيم، قال: خرجنا من باب الفرج معه، فذكرنا السيمياء، فقال: ما أحسن هذه المواضع! فنظرنا من ناحية الشرق جواسق مبيضةً كبيرة مزخرفةً، وفي طاقاتها نساء كالأقمار ومغاني، فتعجبنا، وانذهلنا، فبقينا ساعةً، وعدنا إلى ما كنا نعهده، إلَّا أني عند رؤية ذلك بقيت أحس من نفسي كأنني في سنة خفية، ولم يكن إدراكي كالحالة التي أتحققها مني. وحدثني عجمي قال: كنا مع السهروردي بالقابون، فقلنا: يا مولانا! نريد رأس غنم، فأعطانا عشرة دراهم، فاشترينا بها رأسًا، ثم تنازعنا نحن والتركماني، فقال الشيخ: روحوا بالرأس، أنا أرضيه، ثم تبعنا الشيخ، فقال التركماني: أرضني، فما كلمه، فجاء، وجذب يده، فإذا بيد الشيخ قد انخلعت من كتفه، وبقيت في يد ذاك، ودمها يشخب، فرماها، وهرب، فأخذ الشيخ يده باليد الأخرى، وجاء، فرأينا في يده منديله لا غير.

قال الضياء صقر: في سنة تسع وسبعين قدم السهروردي، ونزل في الحلاوية، ومدرسها الافتخار الهاشمي، فبحث، وعليه دلق وله إبريق وعكاز، فأخرج له الافتخار ثوب عتابي، وبقيارًا، وغلالةً، ولباسًا مع ابنه إليه، فقال: اقض لي حاجةً، وأخرج فصًا كالبيضة، وقال:


(١) ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "٦/ ترجمة ٨١٣"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "٦/ ١١٤"، وشذرات الذهب لابن العماد "٤/ ٢٩٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>