الإمام العلامة، مفتي خراسان، شيخ الشافعية، أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد التميمي، السمعاني، المروزي، الحنفي كان، ثم الشافعي.
ولد سنة ستٍّ وعشرين وأربع مائة.
وسمع: أبا غانم أحمد بن علي الكُراعي، وأبا بكر بن عبد الصمد الترابي، وطائفة بمرو، وعبد الصمد بن المأمون، وطبقته ببغداد، وأبا صالحٍ المؤذن، ونحوه بنيسابور، وأبا علي الشافعي، وأبا القاسم الزنجاني بمكة، وأكبر شيخٍ له الكراعي، وبرع في مذهب أبي حنيفة على والده العلامة أبي منصور السمعاني، وبرز على الأقران.
روى عنه: أولاده، وعمر بن محمد السرخسي، وأبو نصر محمد بن محمد الفاشاني، ومحمد بن أبي بكر السنجي، وإسماعيل بن محمد التيمي، وأبو نصر الغازي، وأبو سعد بن البغدادي، وخلقٌ كثير.
حج على البرية أيام انقطع الركب، فأخذ هو وجماعةٌ، فصبر إلى أن خلصه الله من الأعراب، وحج وصحب الزنجاني. كان يقول: أسرونا، فكنت أرعى جمالهم، فاتفق أن أميرهم أراد أن يزوج بنته، فقالوا: نحتاج أن نرحل إلى الحضر لأجل من يعقد لنا. فقال رجل منا: هذا الذي يرعى جمالكم فقيه خراسان، فسألوني عن أشياء، فأجبتهم، وكلمتهم بالعربية، فخجلوا واعتذروا، فعقدت لهم العقد، وقلت الخطبة، ففرحوا، وسألوني أن أقبل منهم شيئًا، فامتنعت، فحملوني إلى مكة وسط العام.
قال عبد الغافر في "تاريخه": هو وحيد عصره في وقته فضلًا وطريقةً، وزهدًا وورعًا، من بيت العلم والزهد، تفقه بأبيه، وصار من فحول أهل النظر، وأخذ يطالع كتب الحديث، وحج ورجع، وترك طريقته التي ناظر عليها ثلاثين سنة، وتحول شافعيًّا، وأظهر ذلك في سنة ثمانٍ وستين، فاضطرب أهل مرو، وتشوش العوام، حتى وردت الكتب من الأمير ببلخ، في شأنه والتشديد عليه، فخرج من مرو، ورافقه ذو المجدين أبو القاسم الموسوي، وطائفة من الأصحاب وفي خدمته عدة من الفقهاء، فصار إلى طوس، وقصد نيسابور، فاستقبله الأصحاب استقبالا عظيما أيام نظام الملك، وعميد الحضرة أبي سعد، فأكرموه، وأنزل في عزٍّ