للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٣٨٨ - النصراباذي (١):

الإمام المحدّث القدوة الواعظ، شيخ الصوفية، أبو القاسم، إبراهيم بن محمد بن مَحْمَوَيْه الخراساني النصراباذي النيسابوري الزاهد، ونصرآباذ: محلة من نيسابور.

سمع أبا العباس السراج، وابن خزيمة، وأحمد بن عبد الوارث العسّال، ويحيى بن صاعد، ومكحولًا البيروتي، وابن جوصا، وعددًا كثيرًا بخراسان والشام، والعراق والحجاز ومصر.

حدَّث عنه: الحاكم، والسلمي، وأبو حازم العبدوي، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي، وأبو علي الدقاق، وجماعة.

قال أبو عبد الرحمن السلمي: كان شيخ الصوفية بنيسابور، له لسان الإشارة مقرونًا بالكتاب والسنة، وكان يرجع إلى فنونٍ منها حفظ الحديث وفهمه، وعلم التاريخ، وعلوم المعاملات، والإشارة، لَقِيَ الشبلي، وأبا علي الروذباري، قال: ومع عِظَم محلّه كم من مرة قد ضرب وأهين، وكم حبس، فقيل له: إنك تقول: الروح غير مخلوقة، فقال: لا أقول ذا، ولا أقول إنها مخلوقة، بل أقول: الروح من أمر ربي، فجهدوا به، فقال: ما أقول إلَّا ما قال الله.

قلت: هذه هفوة، بل لا ريب في خلقها، ولم يكن سؤال اليهود لنبينا عن خلقها ولا قدمها، وإنما سألوا عن ماهيتها وكيفيتها، قال الله تعالى: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْء﴾ [الزمر: ٦٢].

فهو مبدع الأشياء، وموجد كل فصيح وأعجم، ذاته وحياته وروحه وجسده، وهو الذي خلق الموت والحياة والنفوس، سبحانه.

ثم قال السلمي: وقيل له: إنك ذهبت إلى الناوس وطفت به، وقلت: هذا طوافي فتنقَّصت بهذا الكعبة!! قال: لا، ولكنهما مخلوقان، لكن بها فضل ليس هنا، وهذا كمن يكرم كلبًا؛ لأنه خلق الله، فعوتب في ذلك سنين.

قلت: وهذه ورطة أخرى، أفتكون قبلة الإسلام كقبر ويطاف به، فقد لعن رسول الله من اتخذ قبرًا مسجدًا (٢).

قال السلمي: سمعت جدي يقول: منذ عرفت النصراباذي ما عرفت له جاهلية.

وقال الحاكم: هو لسان أهل الحقائق في عصره، وصاحب الأحوال الصحيحة، كان جَمَّاعَةً للروايات من الرَّحالين في الحديث، وكان يورِّق قديمًا، ثم غاب عن نيسابور نيفًا وعشرين سنة، وكان يعظ ويذكر، وجاور في سنة خمس وستين، وتعبَّد حتى دفن بمكة في ذي الحجة سنة سبع وستين وثلاث مائة، ودُفِنَ عند الفضيل، وبيعت كتبه، فكشفت تلك الكتب عن أحوالٍ والله أعلم. وسمعته يقول: وعوتب في الروح فقال: إن كان بعد الصديقين موحد فهو الحلّاج.

قلت: وهذه ورطة أخرى، بل قُتِلَ الحلَّاج بسيف الشرع على الزندقة.

وقد جمعت بلاياه في جزءين، وقد كان النصراباذي صحب الشبلي، ومشى على حذوه، فواغوثاه بالله.


(١) ترجمته في تاريخ "٦/ ١٩٦"، والمنتظم لابن الجوزي "٧/ ٨٩"، واللباب لابن الأثير "٣/ ٣١٠"، والعبر "٢/ ٣٤٣"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "٤/ ١٢٩"، وشذرات الذهب لابن العماد "٣/ ٥٨".
(٢) صحيح: ورد من حديث أبي هريرة عند البخاري "٤٣٧"، ومسلم "٥٣٠"، وورد من حديث عائشة وابن عباس: عند البخاري "٤٣٥"، "٤٣٦"، ومسلم "٥٣١"، والنسائي "٢/ ٤٠ - ٤١".

<<  <  ج: ص:  >  >>