وقال: إذا أعطاكم حباكم، وإذا منع حماكم، فإذا حباك شغلك، وإذا حماك حملك.
وقال: أصل التصوّف ملازمة الكتاب والسنة، وترك الأهواء والبدع، ورؤية أعذار الخلق، والمداومة على الأوراد، وترك الرخَّص.
قال السُّلَمي: كان أبو القاسم يحمل الدواة والورق، فكلما دخلنا بلدًا قال لي: قم حتى نسمع، ودخلنا بغداد، فأتينا القطيعي، وكان له ورَّاق فأخطأ غير مرة، وأبو القاسم يرد، فلما رد عليه الثالثة قال: يا رجل، إن كنت تحسن تقرأ فدونك، فقام وأخذ الجزء، فقرأ قراءة تحيِّر منها القطيعي ومن حوله. قال: فسألني الورَّاق: مَنْ هذا؟ قلت: الأستاذ أبو القاسم النصراباذي، فقام، وقال: أيها الناس، هذا شيخ خراسان.
قال السلمي: وخرج بنا نستسقي مرة، فعمل طعامًا كثيرًا، وأطعم الفقراء، فجاء المطر كأفواه القرب، وبقيت أنا وهو لا نقدر على المضي، فأوينا إلى مسجد، فكان يكِفُ، وكنَّا صيامًا، فقال: تريد أن أطلب لك من الأبواب كسرة. قلت: معاذ الله، وكان يترنَّم ويقول:
خرجوا ليستسقوا فقلت لهم قفوا … دمعي ينوب لكم عن الأنواء
قالوا صدقت ففي دموعك مقنع … لكنَّها ممزوجة بدماء
أخبرنا أبو الفضل بن عساكر سماعًا عن المؤيد الطوسي، أخبرنا أبو الأسعد بن القشيري قال: ألبسني الخرقة جَدي أبو القاسم القشيري، ولبسها من الأستاذ أبي علي الدقاق، عن أبي القاسم النصراباذي، عن أبي بكر الشبلي، عن الجنيد، عن سري السقطي، عن معروف الكرخي -رحمهم الله تعالى.
قلت: وما بعد معروف فمنقطع، زعموا أنه أخذ عن داود الطائي، وصحب حبيبًا العجمي، وصحب الحسن البصري، وصحب عليًّا ﵁، وصحب النبي ﷺ.