قلت: كان دولته جيدة التمكن، وفيه عدل في الجملة، ووقع في النفوس. استجد عسكرًا كثيرًا لما علم بظهور التتار، بحيث إنه يقال: بلغ عدة عسكره مائة ألف، وفيه بعد، فلعل ذلك نمى في طاعته من ملوك مصر والشام والجزيرة، وكان يخطب له بالأندلس والبلاد البعيدة.
قال الساعي: حضرت بيعته فلما رفع الستر شاهدته وقد كمل الله صورته ومعناه، كان أبيض بحمرة، أزج الحاجبين، أدعج العين، سهل الخدين، أقنى، رحب الصدر، عليه ثوب أبيض وبقيار أبيض، وطرحة قصب بيضاء، فجلس إلى الظهر.
قال: فبلغني أن عدة الخلع بلغت ثلاثة آلاف وخمس مائة وسبعين خلعة.
قلت: بلغ مغل وقف المستنصرية مرة نيفًا وسبعين ألف دينار في العام، واتفق له أنه لم يكن في أيامه معه سلطان يحكم عليه، بل ملوك الأطراف خاضعون له، وفكرهم متقسم بأمر التتار واستيلائهم على خراسان.
توفي في بكرة الجمعة، عاشر جمادى الأولى، سنة أربعين وست مائة.
وكانت دولته سبع عشرة سنة، وعاش اثنتين وخمسين سنة.
وفي سنة أربع وعشرين: التقى خوارزم شاه التتار ببلاد أصبهان فهزمهم ومزقهم، ثم تناخوا وكروا عليه، فانفل جمعه، وبقي في أربعة عشر فارسًا وأحيط به، فخرقهم على حمية، فكانت وقعت منكئة للفريقين، فتحصن بأصبهان.
وقتلت الإسماعيلية أمير كنجة، فتألم جلال الدين، وقصد بلاد الإسماعيلية، فقتل وسبى، ثم تحزبوا له، وسار جيش الأشرف مع الحاجب علي فافتتح مرند وخوي، وردوا إلى خلاط، وأخذوا زوجة خوارزم شاه، وهي بنت السلطان طغرل بن رسلان السلجوقي، وكان تزوج بها بعد أزبك ابن البهلوان صاحب تبريز، فأهملها فكاتبت الحاجب، وسلمت إليه البلاد.
ومرض المعظم، فتصدق بألف غرارة وثمانين ألف درهم، وحلف الأمراء لولده الناصر داود، ومات في ذي القعدة.
وفيها مات القان جنكزجان المغلي، طاغية التتار، في رمضان، وكانت أيامه المشؤومة خمسًا وعشرين سنة.
وقيل: كان أول أمره حدادًا يدعى تمرجين وتسلطن بعده ابنه أوكتاي.