وعاش المعظم تسعًا وأربعين سنة، وكان يعرف مذهب أبي حنيفة والقرآن والنحو، وشرح "الجامع" في عدة مجلدات بإعانة غيره.
وفي سنة خمس وعشرين: جاء المنشور من الكامل لابن أخيه الناصر بسلطنة دمشق، ثم بعد أشهر قدم الكامل ليأخذ دمشق، وأتاه صاحب حمص والعزيز أخوه فاستنجد الناصر بعمه الأشرف، فسار ونزل بالدهشة، فرجع الكامل، وقال: لا أقاتل أخي، فقال الأشرف: المصلحة أن أدرك السلطان وألاطفه، فاجتمع به بالقدس، واتفقا على الناصر وأن تكون دمشق للأشرف، وتبقى الكرك للناصر، فلما سمع الناصر، حصن البلد.
وفيها عزل الصدر البكري عن حسبة دمشق، ومشيخة الشيوخ.
فيها جرى الكويز الساعي من واسط إلى بغداد في يوم وليلة، ورزق قبولًا، وحصل له ستة آلاف دينار ونيف وعشرون فرسًا.
وشرعوا في أساس المستنصرية، ودام البناء خمس سنين، وكان مشد العمارة أستاذ دار الخليفة.
وكانت فرقة في التتار قد بعدهم جنكز خان، وغضب عليهم فأتوا خراسان، فوجدوها بلاقع، فقصدوا الري فالتقاهم خوارزم شاه مرتين وينهزم، فنازلوا أصبهان، ثم أقبل خوارزم شاه، وخرق التتار، ودخل إلى أصبهان وأهلها من أشجع الرجال، ثم خرج بهم فهزم التتار وطحنهم، وساق خلفهم إلى الري قتلًا وأسرًا، ثم أتته رسلٌ من القان بأن هؤلاء أبعدناهم، فاطمأن لذلك ودعا إلى تبريز.
واستولى الفرنج على صيدا، وقويت نفوسهم، وجاءهم ملك الألمان الأنبرور وقد استولى على قبرس، فكاتبه الكامل ليعينه على الناصر، وخافته ملوك السواحل والمسلمون، فكاتب ملوك الفرنج الكامل بأنهم يمسكون الأنبرور، فبعث وأوقفه على عزمهم فعرفها للكامل، وأجابه إلى هواه، وترددت المراسلات، وخضع الأنبرور، وقال: أنا عتيقك وإن أنا رجعت خائبًا انكسرت حرمتي، وهذه القدس أصل ديننا وهي خرابة، ولا دخل لها، فتصدق علي بقصبة البلد وأنا أحمل محصولها إلى خزانتك، فلان لذلك.
وفي سنة ٦٢٦: سلم الكامل القدس إلى الفرنج -فواغوثاه بالله، وأتبع ذلك بحصار دمشق، وأذية الرعية، وجرت بينهم وقعات، منها وقعة قتل فيها خلق من الفريقين، وأحرقت الحواضر، زحفوا على دمشق مرارًا، واشتد الغلاء، ودام البلاء أشهرًا، ثم قنع الناصر بالكرك ونابلس والغور، وسلم الكامل دمشق للأشرف، وعوض عنها بحران والرقة ورأس