إلى أن قال: انتفعت به في الحديث كل الانتفاع، وأخذت عنه كثيرًا.
قلت: روى عنه: ابن الأبار، والقاضي أبو العباس ابن الغماز، وطائفة من المشايخ لا أعرفهم. ورأيت له إجازة كتبها الكمال بن شاذي الفاضلي وطولها، وذكر شيوخه وما روى عنهم، منهم: عبد الرحمن بن مغاور، حدثه عن أبي علي بن سكرة، وأجاز له من الإسكندرية أبو الطاهر بن عوف الزهري، والقاضي أبو عبد الله ابن الحضرمي.
قال: ومن تصانيفي كتاب "الاكتفا في مغازي رسول الله ﷺ والثلاثة الخلفا"، وكتاب "الصحابة"، إذا كمل يكون ضعف كتاب ابن عبد البر وكتاب "المصباح" على نحو "الشهاب"، و"سيرة البخاري" أربعة أجزاء، و"حلية الأمالي في الموافقات العوالي" أربعة أجزاء، و"الأبدال" أربعة أجزاء، و"مشيخة" خرجها لشيخه ابن حبيش ثلاثة أجزاء، و"المسلسلات" جزء، وعدة تواليف صغار، و"الخطب" له نحو من ثمانين خطبة.
قال الحافظ ابن مسدي: لم ألق مثله جلالة ونبلًا، ورياسة وفضلًا، كان إمامًا مبرزًا في فنون من منقول ومعقول ومنثور وموزون، جامعًا للفضائل، برع في علوم القرآن والتجويد. وأما الأدب فكان ابن بجديه، وأبا نجدته، وهو ختام الحفاظ، ندب لديوان الإنشاء فاستعفى، أخذ القراءات عن أصحاب ابن هذيل، وارتحل، واختص بالحفاظ أبي القاسم بن حبيش بمرسية، أكثرت عنه.
وقال الكلاعي في إجازته للقاضي الأشرف وآله: قرأت جميع "صحيح البخاري" على ابن حبيش بسماعه من يونس بن مغيث سنة ٥٠٣، قال سمعته في سنة ٤٦٥ بقراءة الغساني على أبي عمر ابن الحذاء، حدثنا به عبد الله بن محمد بن أسد الجهني البزاز الثقة سنة خمس وتسعين وثلاث مائة، أخبرنا أبو علي بن السكن بمصر سنة ثلاث وأربعين وثلاث مائة عن الفربري عنه. وقرأت "مصنف النسائي" على ابن حبيش، وسمعه من ابن مغيث، قال: قرأته على مولى الطلاع، قال: سمعته على يونس بن عبد الله، قال: قرأته على ابن الأحمر عنه.
قال أبو عبد الله ابن الأبار: كان ﵀ أبدًا يحدثنا أن السبعين منتهى عمره لرؤيا رآها، وهو آخر الحفاظ والبلغاء بالأندلس، استشهد في كائنة أنيشة، على ثلاث فراسخ من مرسية، مقبلًا غير مدبر، في العشرين من ذي الحجة، سنة أربع وثلاثين وست مائة.
وقال الحافظ أبو محمد المنذري: توفي شهيدًا بيد العدو. قال: وكان مولده بظاهر مرسية، في مستهل رمضان، سنة خمس وستين، وسمع ببلنسية ومرسية وشاطبة وإشبيلية