قال ابن شهاب: وشهد بدرًا سعد بن معاذ. ورمي يوم الخندق فعاش شهرًا ثم انتُقِضَ جرحه فمات.
بن إسحاق: حدثني أبو ليلى عبد الله بن سهل أن عائشة كانت في حصن بني حارثة يوم الخندق وأم سعد معها فعبر سعد عليه درع مقلَّصة قد خرجت منه ذراعه كلها وفي يده حربة يرفل بها ويقول:
لبث قليلًا يشهد الهيجا حمل … لا بأس بالموت إذا حان الأجل
يعني: حمل بن بدر. فقالت له أمه: أي بني! قد أخرت. فقلت لها: يا أم سعد لوددت أن درع سعد كانت أسبغ مما هي. فرمي سعد بسهم قطع منه الأكحل رماه ابن العرقة فلما أصابه قال: خذها مني وأنا ابن العرقة فقال: عرق الله وجهك في النار. اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئًا فأبقني لها فإنه لا قوم أحبُّ إلي من أن أجاهدهم فيك من قوم آذوا نبيك وكذبوه وأخرجوه. اللهم إن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعلها لي شهادة ولا تُمتني حتى تُقِرَّ عيني من بني قريظة.
هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: رمى سعدًا رجل من قريش يقال له: حِبّان بن العرقة. فرماه في الأكحل فضرب عليه رسول الله ﷺ خيمة في المسجد ليعوده من قريب. قالت: ثم إن كَلْمه تحجَّر للبرء. قالت: فدعا سعد فقال في ذلك: وإن كنت قد وضعت الحرب بيننا وبينهم فافجرها واجعل موتتي فيها. فانفجر من لبّته فلم يرعهم إلَّا والدم يسيل. فقالوا: يا أهل الخيمة! ما هذا? فإذا جرحه يغذو. فمات منها.
متفق عليه بأطول من هذا.
الليث، عن أبي الزبير، عن جابر قال: رمي سعد يوم الأحزاب فقطعوا أكحله فحسمه النبي ﷺ بالنار فانتفخت يده فتركه فنزفه الدم فحسمه أخرى فانتفخت يده فلما رأى ذلك قال: اللهم لا تخرج نفسي حتى تُقِرَّ عيني من بني قريظة فاستمسك عرقه فما قطرت منه قطرة. حتى نزلوا على حكم سعد. فأرسل إليه رسول الله ﷺ فحكم أن يقتل رجالهم وتسبى نساؤهم وذراريهم قال: وكانوا أربع مائة فلما فرغ من قتلهم انفتق عرقه.
يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن معاذ بن رفاعة، عن جابر قال: جلس النبي ﷺ على قبر سعد وهو يدفن فقال: "سبحان الله" مرتين فسبح القوم. ثم قال: "الله أكبر، الله