صحبتي فأنا طوع يديك قلت: عظمت حق القرابة وهنا أمي وقرابتي قال: إن كنت تريد أن تهاجر مهاجر إبراهيم ﵇ فدع الوالدة والقرابة ثم قال: إن الله يصلح بينك وبينهم حتى لا تدعو عليك الوالدة.
فخرجت معه، فأتينا نصيبين فاستقبله اثنا عشر من الرهبان يبتدرونه ويبسطون له أرديتهم وقالوا: مرحبًا بسيدنا وواعي كتاب ربنا فحمد الله ودمعت عيناه وقال: إن كنتم تعظموني لتعظيم جلال الله فأبشروا بالنظر إلى الله ثم قال: إني أريد أن أتعبد في محرابكم هذا شهرًا فاستوصوا بهذا الغلام فإني رأيته رقيقًا سريع الإجابة فمكث شهرًا لا يلتفت إلي ويجتمع الرهبان خلفه يرجون أن ينصرف ولا ينصرف فقالوا: لو تعرضت له فقلت: أنتم أعظم عليه حقًّا مني قالوا: أنت ضعيف غريب بن سبيل وهو نازل علينا فلا نقطع عليه صلاته مخافة أن يرى أنا نستثقله فعرضت له فارتعد ثم جثا على ركبتيه ثم قال: ما لك يا بني? جائع أنت? عطشان أنت? مقرور أنت? اشتقت إلى أهلك? قلت: بل أطعت هؤلاء العلماء قال: أتدري ما يقول الإنجيل? قلت: لا قال: يقول من أطاع العلماء فاسدًا كان أو مصلحًا فمات فهو صديق وقد بدا لي أن أتوجه إلى بيت المقدس فجاء العلماء فقالوا: يا سيدنا امكث يومك تحدثنا وتكلمنا قال: إن الإنجيل، حدثني أنه من هم بخير فلا يؤخره.
فقام فجعل العلماء يقبلون كفيه وثيابه كل ذلك يقول: أوصيكم إلَّا تحتقروا معصية الله ولا تعجبوا بحسنة تعملونها فمشى ما بين نصيبين والأرض المقدسة شهرًا يمشي نهاره ويقوم ليله حتى دخل بيت المقدس فقام شهرًا يصلي الليل والنهار فاجتمع إليه علماء بيت المقدس فطلبوا إلي أن أتعرض له ففعلت فانصرف إلي فقال لي كما قال في المرة الأولى.
فلما تكلم اجتمع حوله علماء بيت المقدس فحالوا بيني وبينه يومهم وليلتهم حتى أصبحوا فملوا وتفرقوا فقال لي: أي بني إني أريد أن أضع رأسي قليلًا فإذا بلغت الشمس قدمي فأيقظني قال: وبينه وبين الشمس ذراعان فبلغته الشمس فرحمته لطول عنائه وتعبه في العبادة فلما بلغت الشمس سرته استيقظ بحرها.
فقال: ما لك لم توقظني? قلت: رحمتك لطول عنائك قال: إني لا أحب أن تأتي علي ساعة لا أذكر الله فيها ولا أعبده أفلا رحمتني من طول الموقف? أي بني إني أريد الشخوص إلى جبل فيه خمسون ومائة رجل أشرهم خير مني أتصحبني? قلت: نعم فقام فتعلق به أعمى على الباب فقال: يا أبا الفضل تخرج ولم أصب منك خيرًا؟ فمسح