وقال الليث، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: لقد رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائما مسندا ظهره إلى الكعبة يقول: يا معشر قريش والله ما منكم أحد على دين إبراهيم غيري. وكان يحيي الموءودة، يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته:"مه! لا تقتلها أنا أكفيك مئونتها". فيأخذها، فإذا ترعرعت قال لأبيها:"إن شئت دفعتها إليك وإن شئت كفيتك مئونتها". هذا حديث صحيح.
وقال محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أسامة بن زيد، عن أبيه، أن زيد بن عمرو بن نفيل مات، ثم أنزل على النبي ﷺ، فقال النبي ﷺ:"إنه يبعث يوم القيامة أمة وحده". إسناده حسن.
أنبئت عن أبي الفخر أسعد، قال: أخبرتنا فاطمة، قالت: أخبرنا ابن ريذة، قال: أخبرنا الطبراني، قال: أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال: أخبرنا عبد الله بن رجاء، قال: أخبرنا المسعودي، عن نفيل بن هشام بن سعيد بن زيد، عن أبيه، عن جده قال: خرج أبي وورقة بن نوفل يطلبان الدين حتى مرا بالشام، فأما ورقة فتنصر، وأما زيد فقيل له: إن الذي تطلب أمامك، فانطلق حتى الموصل، فإذا هو براهب، فقال: من أين أقبل صاحب الراحلة، قال: من بيت إبراهيم، قال: ما تطلب؟ قال: الدين، فعرض عليه النصرانية، فأبى أن يقبل وهو يقول: لبيك حقا، تعبدا ورقا، البر أبغي لا الخال، وما مهجر كمن قال:
عذت بما عاذ به إبراهيم … مستقبل القبلة وهو قائم
أنفي لك اللهم عان راغم … مهما تجشمني فإني جاشم
ثم يخر فيسجد للكعبة. قال: فمر زيد بالنبي ﷺ وبزيد بن حارثة، وهما يأكلان من سفرة لهما، فدعياه فقال: يابن أخي لا آكل مما ذبح على النصب، قال: فما رؤي النبي ﷺ يأكل مما ذبح على النصب من يومه ذاك حتى بعث.
قال: وجاء سعيد بن زيد إلى النبي ﷺ، فقال: يا رسول الله إن زيدا كان كما رأيت، أو كما بلغك، فاستغفر له؟ قال:"نعم، فاستغفروا له، فإنه يبعث يوم القيامة أمة وحده".
وقال يونس بن بكير، عن ابن إسحاق: كانت قريش حين بنوا الكعبة يتوافدون على كسوتها كل عام تعظيما لحقها، وكانوا يطوفون بها، ويستغفرون الله عندها، ويذكرونه مع تعظيم الأوان والشرك في ذبائحهم ودينهم كله.