للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عمرة، عن عائشة قالت: لما تلا رسول الله القصة التي نزل بها عذري على الناس نزل فأمر برجلين وامرأة ممن كان تكلم بالفاحشة في عائشة فجلدوا الحد (١).

قال: وكان رماها ابن أبي ومسطح وحسان وحمنة.

الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق قال: دخل حسان بن ثابت على عائشة يشبب بأبيات (٢) له فيها فقال:

حصان رزان ما تزن بريبة … وتصبح غرثى من لحوم الغوافل (٣)

قالت: لست كذاك. فقلت: تدعين مثل هذا يدخل عليك وقد أنزل الله تعالى: ﴿وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيم﴾ [النور: ١١]. قالت: وأي عذاب أشد من العمى. ثم قالت: كان يرد، عن النبي (٤).

ابن إسحاق: حدثني محمد بن إبراهيم التيمي قال: كان صفوان بن المعطل قد كثر عليه حسان في شأن عائشة وقال يعرض به:

أمسى الجلابيب (٥) قد عزوا وقد كثروا … وابن الفريعة أمسى بيضة البلد


(١) صحيح: أخرجه عبد الرزاق "٥/ ٩٧٤٩" من طريق ابن أبي يحيى. وأخرجه أبو داود "٤٤٧٤"، والترمذي "٣١٨١"، وابن ماجه "٢٥٧٦" من طريق ابن أبي عدي كلاهما عن محمد بن إسحاق به.
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات، وقد صرح محمد بن إسحاق بالتحديث كما في رواية يونس بن بكير، فأمنا شر تدليسه. وابن أبي عدي، هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، أبو عمرو البصري، ثقة، روى له الجماعة.
وابن أبي يحيى، هو محمد بن أبي يحيى الأسلمي المدني، صدوق، روى له أبو داود، والترمذي في الشمائل، والنسائي، وابن ماجه.
(٢) يشبب: يزهيه ويحسنه.
(٣) حصان: من الإحصان، وهو المنع. والمراد أنها محصنة بالإسلام، وبالعفاف، والحرية وبالتزويج. تزن: أي ترمي. وقوله: "غرثي": أي خميصة البطن والمراد أنها لا تغتاب أحدا. والغوافل: العفيفة الغافلة عن الإثم والشر.
(٤) صحيح على شرطهما: أخرجه البخاري "٤١٤٦"، ومسلم "٤١٤٦"، حدثنا بشر بن خالد، أخبرنا محمد بن جعفر، عن شبعة، عن سليمان، عن أبي الضحي عن مسروق به.
(٥) الجلابيب: المراد بهم هنا سفلة الناس. وابن الفريعة هو حسان بن ثابت. والفريعة هي أمه. وبيضة البلد مثل يضرب في العزة والذلة.
قال الأزهري في "تهذيب اللغة" "٢/ ٨٥" معنى قول حسان: إن سفلة الناس عزوا بعد ذلتهم وكثروا بعد قلتهم، وابن الفريعة الذي كان ذا ثروة وثراء، فقد أخر عن كريم شرفه وسؤدده، واستبد بالأمر دونه، فهو بمنزلة بيضة البلد التي
تبيضها النعامة، ثم تتركها بالفلاة فلا تحضنها فتبقى تريكة الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>