للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وأما الكهان فأتتهم الشياطين بما استرقت من السمع، وأنها قد حجبت عن استراق السمع ورميت بالشهب. قال الله تعالى: ﴿وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا﴾ [الجن: ٩]، فلما سمعت الجن القرآن من النبي عرفت أنها منعت من السمع قبل ذلك، لئلا يشكل الوحي بشيء من خبر السماء فيلتبس الأمر فآمنوا وصدقوا وولوا إلى قومهم منذرين.

حدثني يعقوب بن عتبة أنه بلغه أن أول العرب فزع للرمي بالنجوم ثقيف، فجاءوا إلى عمرو بن أمية وكان أدهى العرب، فقالوا: ألا ترى ما حدث؟ قال: بلى، فانظروا فإن كان معالم النجوم التي يهتدى بها وتعرف بها الأنواء هي التي يرمى بها، فهي والله طي الدنيا وهلاك أهلها، وإن كانت نجوما غيرها، وهي ثابتة على حالها، فهذا أمر أراد الله به هذا الخلق فما هو.

قلت: روى حديث يعقوب بنحوه حصين، عن الشعبي، لكن قال: فأتوا عبد ياليل بن عمرو الثقفي، وكان قد عمي.

وقد جاء غير حديث بأسانيد واهية أن غير واحد من الكهان أخبره رئية من الجن بأسجاع ورجز، فيها ذكر مبعث النبي وسمع من هواتف الجان من ذلك أشياء.

وبالإسناد إلى ابن إسحاق، قال: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن رجال من قومه، قالوا: إن مما دعانا إلى الإسلام مع رحمة الله وهداه لنا، أنا كنا نسمع من يهود، وكنا أصحاب أوثان، وهم أهل كتاب، وكان لا يزال بيننا وبينهم شرور، فإذا نلنا منهم قالوا: إنه قد تقارب زمان نبي يبعث الآن نقتلكم معه قتل عاد وإرم، فكنا كثيرا ما نسمع ذلك منهم، فلما بعث الله رسول الله أجبناه حين دعانا، وعرفنا ما كان يتوعدونا به، فبادرناهم إليه، فآمنا به وكفروا به، ففي ذلك نزل: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [البقرة: ٨٩]، الآيات.

حدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن محمود بن لبيد، عن سلمة بن سلامة بن وقش، قال: كان لنا جار يهودي، فخرج يوما حتى وقف على بني عبد الأشهل، وأنا يومئذ أحدثهم سنا، فذكر القيامة والحساب والميزان والجنة والنار، قال ذلك لقوم أصحاب أوثان لا يرون بعثا بعد الموت، فقالوا له: ويحك يا فلان، أوترى هذا كائنا أن الناس يبعثون! قال: نعم. قالوا: فما آية ذلك؟ قال: نبي مبعوث من نحو هذه البلاد، وأشار إلى مكة واليمن. قالوا: ومتى نراه؟ قال: فنظر إليَّ وأنا حدث فقال: إن يستنفد هذا الغلام عمره

<<  <  ج: ص:  >  >>