صدقت يا خديجة، لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى وإنه لنبي هذه الأمة فقولي له فليثبت. فرجعت خديجة إلى رسول الله ﷺ فأخبرته بقول ورقة، فلما قضى جواره طاف الكعبة، فلقيه ورقة وهو يطوف فقال: أخبرني بما رأيت وسمعت، فأخبره، فقال: والذي نفسي بيده إنك لنبي هذه الأمة، ولقد جاءك الناموس الأكبر الذي جاء موسى ولتكذبنه ولتؤذنه ولتخرجنه ولتقاتلنه، ولئن أنا أدركت ذلك اليوم لأنصرن الله نصرا يعلمه، ثم أدنى رأسه منه فقبل يافوخه.
وقال موسى بن عقبة في "مغازيه": كان ﷺ فيما بلغنا أول ما رأى أن الله أراه رؤيا في المنام، فشق ذلك عليه، فذكرها لخديجة، فعصمها الله وشرح صدرها بالتصديق، فقالت: أبشر. ثم أخبرها أنه رأى بطنه شق ثم طهر وغسل ثم أعيد كما كان، قالت: هذا والله خير فأبشر. ثم استعلن له جبريل وهو بأعلى مكة، فأجلسه في مجلس كريم معجب كان النبي ﷺ يقول: أجلسني على بساط كهيئة الدرنوك (١) فيه الياقوت واللؤلؤ، فبشره برسالة الله ﷿ حتى اطمأن.
الذي فيها من شق بطنه يحتمل أن يكون أخبرها بما تم له في صغره ويحتمل أن يكون شق مرة أخرى، ثم شق مرة ثالثة حين عرج به إلى السماء.
وقال ابن بكير عن ابن إسحاق، فأنشد ورقة:
إن يك حقا يا خديجة فاعلمي … حديثك إيانا فأحمد مرسل
وجبريل يأتيه وميكال معهما … من الله وحي يشرح الصدر منزل
يفوز به من فاز فيها بتوبة … ويشقى به العاني الغوي المظلل
فسبحان من تهوى الرياح بأمره … ومن هو في الأيام ما شاء يفعل
ومن عرشه فوق السماوات كلها … وأقضاؤه في خلقه لا تبدل
وقال ابن إسحاق: حدثني إسماعيل بن أبي حكيم أن خديجة قالت لرسول الله ﷺ: أي ابن عم، إن استطعت أن تخبرني بصاحبك هذا الذي يأتيك إذا جاءك. قال:"نعم" قال: فلما جاءه قال: "يا خديجة هذا جبريل". قالت: ابن عم قم فاجلس على فخذي اليسرى، فقام فجلس عليها، قالت: هل تراه؟ قال:"نعم". قالت: فتحول فاقعد على فخذي اليمنى. فتحول فقعد على فخذها، قالت: هل تراه؟ قال:"نعم". قالت: فاجلس في