أفواه الرجال، ومن الأكتاف والرقاع، واحتفظوا بتلك الصحف مدة، فكانت عند الصديق، ثم تسلَّمها الفاروق، ثم كانت بعد عند أم المؤمنين حفصة، إلى أن ندب عثمان زيد بن ثابت ونفرًا من قريش إلى كتاب هذا المصحف العثمانيّ الذي به الآن في الأرض أزيد من ألفي ألف نسخة، ولم يبق بأيدي الأمة قرآن سواه، ولله الحمد.
وقد اختلفوا في وفاة زيد ﵁ على أقوال: فقال الواقدي -وهو إمام المؤرخين: مات سنة خمس وأربعين عن ست وخمسين سنة، وتبعه على وفاته يحيى بن بكير، وشباب، ومحمد بن عبد الله بن نمير.
وقال أبو عبيد: مات سنة خمس وأربعين، ثم قال: وسنة ست وخمسين أثبت.
وقال أحمد بن حنبل، وعمرو بن علي: سنة إحدى وخمسين.
وقال المدائني، والهيثم، ويحيى بن معين: سنة خمس وخمسين.
وقال أبو الزناد: سنة خمس وأربعين -فالله أعلم.
حفص (١)، عن عاصم، عن أبي عبد الرحمن قال: لم أخالف عليًّا في شيء من قراءته، وكنت أجمع حروف عليّ فألقى بها زيدًا في المواسم بالمدينة، فما اختلفا إلَّا في التابوت، كان زيد يقرأ بالهاء، وعلي بالتاء.
(١) حفص: هو ابن سليمان، وهو حفص بن أبي داود، أبو عمر الأسدي، صاحب القراءة، وابن امرأة عاصم، روى عن شيخه في القراءة عاصم. قال عبد الله بن أحمد، عن أبيه: متروك الحديث. وقال أبو حاتم: متروك لا يصدق. وقال ابن خراش: كذّاب يضع الحديث. وقال ابن عدي: عامة أحاديثه غير محفوظة. وقال ابن جبان: يقلب الأسانيد، ويرفع المراسيل.