للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مثلها، ثم قال رسول الله : "اسقهم يا علي". فجئت بذلك القعب، فشربوا منه حتى نهلوا جميعا، وايم الله إن كان الرجل منهم ليشرب مثله، فلما أراد النبي أن يتكلم بدره أبو لهب فقال: لهدما سحركم صاحبكم. فتفرقوا ولم يكلمهم، فقال لي النبي من الغد: "عد لنا يا علي بمثل ما صنعت بالأمس". ففعلت وجمعتهم، فصنع رسول الله كما صنع بالأمس، فأكلوا حتى نهلوا، وشربوا من ذلك القعب حتى نهلوا، فقال النبي : "يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شابا من العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم، إني قد جئتكم بأمر الدنيا والآخرة".

قال أحمد بن عبد الجبار العطاردي: بلغني أن ابن إسحاق إنما سمعه من عبد الغفار بن القاسم أبي مريم، عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله بن الحارث.

وقال يونس، عن ابن إسحاق: فكان بين ما أخفى النبي أمره إلى أن أمر بإظهاره ثلاث سنين.

وقال الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لما نزلت ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤]، ورهطك منهم المخلصين خرج رسول الله حتى صعد الصفا فهتف؛ يا صباحاه. قالوا: من هذا الذي يهتف؟ قالوا: محمد، فاجتمعوا إليه، فقال: "أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح هذا الجبل، أكنتم مصدقي". قالوا: ما جربنا عليك كذبا، قال: "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد". فقال أبو لهب: تبا لك، ألهذا جمعتنا، ثم قام، فنزلت: "تبت يدا أبي لهب وقد تب". كذا قرأ الأعمش. متفق عليه (١) إلا "وقد تب" فعند بعض أصحاب الأعمش، وهي في صحيح مسلم.

وقال ابن عيينة: حدثنا الوليد بن كثير، عن ابن تدرس، عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: لما نزلت ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ﴾ [المسد: ١]، أقبلت العوراء أم جميل بنت حرب، ولها ولولة، وفي يدها فهر وهي تقول:

مذمما أبينا … ودينه قلينا

وأمره عصينا

والنبي في المسجد، فقال أبو بكر: يا رسول الله قد أقبلت وأخاف أن تراك. قال:


(١) صحيح: أخرجه البخاري "٤٩٧١"، ومسلم "٢٠٨" "٣٥٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>