للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوليد أنهد فتى في قريش وأجمله، فخذه فلك عقله ونصرته واتخذه ولدا فهو لك، وأسلم إلينا ابن أخيك هذا الذي قد خالف دينك ودين آبائك نقتله، فإنما رجل كرجل. فقال: بئس والله ما تسومونني، أتعطوني ابنكم أغذوه لكم، وأعطيكم ابني تقتلونه! هذا والله ما لا يكون أبدا. فقال المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف: والله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك وشهدوا على التخلص مما تكره، فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئا. فقال: والله ما أنصفوني ولكنك قد أجمعت خذلاني ومظاهرة القوم عليّ، فاصنع ما بدا لك. فحقب الأمر، وحميت الحرب، وتنابذ القوم، فقال أبو طالب:

ألا قل لعمرو والوليد ومطعم … ألا ليت حظي من حياطتكم بكر (١)

من الخور حبحاب (٢) كثير رغاؤه … يرش على الساقين من بوله قطر

أرى أخوينا من أبينا وأمنا … إذا سئلا قالا إلى غيرنا الأمر

أخص خصوصا عبد شمس ونوفلا … هما نبذانا مثلما ينبذ الجمر

وقال يونس بن بكير، عن ابن إسحاق: حدثني شيخ من أهل مصر، منذ بضع وأربعين سنة، عن عكرمة، عن ابن عباس في قصة طويلة جرت بين المشركين وبين النبي ، فلما قام عنهم قال أبو جهل: يا معشر قريش إن محمدا قد أبى إلا ما ترون من عيب ديننا، وشتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وسب آلهتنا، وإني أعاهد الله لأجلسن له غدا بحجر، فإذا سجد فضخت به رأسه فليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا لهم. فلما أصبح أبو جهل أخذ حجرا وجلس، وأتى النبي فقام يصلي بين الركنين الأسود واليماني، وكان يصلي إلى الشام، وجلست قريش في أنديتها ينظرون، فلما سجد رسول الله احتمل أبو جهل الحجر ثم أقبل نحوه، حتى إذا دنا منه رجع مرعوبا منتقعا لونه، قد يبست يداه على حجره، حتى قذف به من يده، وقامت إليه رجال قريش فقالوا: ما لك يا أبا الحكم؟ فقال: قمت إليه لأفعل ما قلت لكم فلما دنوت منه عرض لي دونه فحل من الإبل، والله ما رأيت مثل هامته ولا قصرته (٣) ولا أنيابه لفحل قط، فهم أن يأكلني.


(١) البكر: الفتي من الناس. والبكرة بمنزلة الفتاة، والقلوص بمنزلة الجارية.
(٢) الحبحاب: الصغير الجسم، المتداخل العظام.
(٣) القصرة: بالتحريك: أصل العنق. قال اللحياني: إنما يقال لأصل العنق: قصرة إذا غلظت، والجمع قصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>