للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال نافع: أتى رجل ابن عمر، فقال: يا أبا عبد الرحمن، ما يحملك على أن تحج عامًا وتعتمر عامًا، وتترك الجهاد، فقال: بُنِيَ الإسلام على خمس: إيمان بالله ورسوله، وصلاة الخمس، وصيام رمضان، وأداء الزكاة، وحج البيت. فقال: يا أبا عبد الرحمن، ألَا تسمع قوله: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾ [الحجرات: ٨]. فقال: لأن أعتبر بهذه الآية، فلا أقاتل أحبَّ إلي من أن أعتبر بالآية التي يقول فيها: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا﴾ [النساء: ٩٢]. فقال: ألَا ترى أن الله يقول: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ [البقرة: ١٩٣]. قال: قد فعلنا على عهد رسول الله ؛ إذ كان الإسلام قليلًا، وكان الرجل يفتن في دينه؛ إمَّا أن يقتلوه، وإمَّا أن يسترقوه، حتى كثر الإسلام، فلم تكن فتنة، قال: فلما رأى أنه لا يوافقه قال: فما قولك في عثمان وعلي? قال: أمَّا عثمان: فكان الله عفا عنه، وكرهتم أن يعفو الله عنه، وأمَّا علي: فابن عم رسول الله وختنه، وأشار بيده- هذا بيته حيث ترون.

الزهري، عن حمزة بن عبد الله، قال: أقبل ابن عمر علينا، فقال: ما وجدت في نفسي شيئًا من أمر هذه الأمة ما وجدت في نفسي من أن أقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرني الله.

قلنا: ومن ترى الفئة الباغية? قال: ابن الزبير بغى على هؤلاء القوم، فأخرجهم من ديارهم، ونكث عهدهم.

أيوب، عن نافع قال: أصابت ابن عمر عارضة محمل بين أصبعيه عند الجمرة، فمرض، فدخل عليه الحجاج، فلمَّا رآه ابن عمر غمض عينيه، فكلمه الحجاج، فلم يكلمه، فغضب وقال: إن هذا يقول أني على الضرب الأول.

عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو، أخبرنا جدي، أنَّ ابن عمر قدم حاجًّا، فدخل عليه الحجاج وقد أصابه زجّ رمح، فقال: من أصابك? قال: أصابني من أمرتموه بحمل السلاح في مكان لا يحل فيه حمله (١).

أحمد بن يعقوب المسعودي، حدثنا إسحاق بن سعيد بن عمرو الأموي، عن أبيه، عن ابن عمر أنه قام إلى الحجَّاج وهو يخطب، فقال: يا عدو الله! استُحِلَّ حرم الله، وخُرِّبَ بيت الله، فقال: يا شيخًا قد خرف، فلمَّا صدر الناس أمر الحجاج بعض مسوَّدته، فأخذ


(١) صحيح: أخرجه البخاري "٩٦٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>