للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا سفيان، عن أبي موسى، سمع الحسن يقول: استقبل والله الحسن بن علي معاوية بكتائب مثل الجبال، فقال عمرو بن العاص: إني لأرى كتائب لا تولي حتى تقتل أقرانها، فقال له معاوية -وكان والله خير رجلين- أي: عمرو، إن قتل هؤلاء هؤلاء، وهؤلاء هؤلاء، من لي بأمور المسلمين، من لي بنسائهم، من لي بضيعتهم?! فبعث إليهم برجلين من قريش؛ عبد الرحمن بن سمرة، وعبد الله بن عامر بن كريز، فقال: اذهبا إلى هذا الرجل، فاعرضا عليه، وقولا له، واطلبا إليه، فأتياه، فقال لهما الحسن بن علي: إنا بنو عبد المطلب قد أصبنا من هذا المال، وإن هذه الأمة قد عاثت في دمائها، قالا: فإنا نعرض عليك كذا وكذا، ونطلب إليك، ونسألك، قال: فمن لي بهذا? قالا: نحن لك به، فما سألهما شيئًا إلَّا قالا: نحن لك به، فصالحه، قال الحسن: ولقد سمعت أبا بكرة يقول: رأيت رسول الله يقول: "إن ابني هذا سيد … "، وذكر الحديث (١).

ابن أبي عدي، عن ابن عون، عن أنس بن سيرين قال: قال الحسن بن علي: ما بين جابرس، وجابلق رجل جده نبي، غيري وغير أخي، وإني رأيت أن أصلح بين الأمة، ألَا وإنا قد بايعنا معاوية، ولا أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين.

قال معمر: جابلق وجابرس: المشرق والمغرب.

هشيم، عن مجالد، عن الشعبي، أن الحسن خطب فقال: إن أكيس الكيس التقى، وإن أحمق الحمق الفجور، ألَا وإنَّ هذه الأمور التي اختلفت فيها أنا ومعاوية، تركت لمعاوية إرادة إصلاح المسلمين، وحقن دمائهم.

هوذة، عن عوف عن محمد، قال: لما ورد معاوية الكوفة، واجتمع عليه الناس، قال له عمرو بن العاص: إن الحسن مرتفع في الأنفس؛ لقرابته من رسول الله ، وإنه حديث السنّ، عيي، فمره فليخطب، فإنه سيعيى، فيسقط من أنفس الناس، فأبى، فلم يزالوا به حتى أمره، فقام على المنبر دون معاوية: فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: لو ابتغيتم بين جابلق وجابرس رجلًا جده نبي غيري وغير أخي لم تجدوه، وإنَّا قد أعطينا معاوية بيعتنا، ورأينا أن حقن الدماء خير: ﴿وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾ [الأنبياء: ١١١]. وأشار بيده إلى معاوية، فغضب معاوية، فخطب بعده خطبة عيية فاحشة، ثم نزل، وقال: ما أردت بقولك: فتنة لكم، ومتاع? قال: أردت بها ما أراد الله بها.


(١) صحيح: تقدَّم تخريجنا له قريبًا برقم "٦٤٦" فراجعه ثَمَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>