أبي حثمة العدوية، وأبو سبرة بن أبي رهم بن عبد العزى العامري، وسهيل بن بيضاء، وهو سهيل بن وهب الحارثين، فكانوا أول من هاجر إلى الحبشة.
قال: ثم خرج جعفر بن أبي طالب، وتتابع المسلمون إلى الحبشة. ثم سمى ابن إسحاق جماعتهم، وقال: فكان جميع من لحق بأرض الحبشة، أو ولد بها، ثلاثة وثمانين رجلا، فعبدوا الله وحمدوا جوار النجاشي، فقال عبد الله بن الحارث بن قيس السهمي:
يا راكبا بلغن عني مغلغلة … من كان يرجو بلاغ الله والدين
كل امرئ من عباد الله مضطهد … ببطن مكة مقهور ومفتون
أنا وجدنا بلاد الله واسعة … تنجي من الذل والمخزاة والهون
فلا تقيموا على ذل الحياة وخز … ي في الممات وعيب غير مأمون
إنا تبعنا نبي الله واطرحوا … قول النبي وعالوا في الموازين
فاجعل عذابك في القوم الذي بغوا … وعائذ بك أن يعلوا فيطغوني
وقال عثمان بن مظعون يعاتب أمية بن خلف ابن عمه، وكان يؤذيه:
أتيم بن عوف والذي جاء بغضة … ومن دونه الشرمان والبرك أكتع
أأخرجتني من بطن مكة أيمنا … وأسكنتني في سرح بيضاء نقذع
تريش نبالا لا يواتيك ريشها … وتبري نبالا ريشها لك أجمع
وحاربت أقواما كراما أعزة … وأهلكت أقواما بهم كنت تفزع
ستعلم إن نابتك يوما ملمة … وأسلمك الأرياش ما كنت تصنع
وقال موسى بن عقبة: ثم إن قريشا ائتمروا واشتد مكرهم، وهموا بقتل رسول الله ﷺ أو إخراجه، فعرضوا على قومه أن يعطوهم ديته ويقتلوه، فأبوا حمية. ولما دخل رسول الله ﷺ شعب بني عبد المطلب، أمر أصحابه بالخروج إلى الحبشة فخرجوا مرتين؛ رجع الذين خرجوا في المرة الأولى حين أنزلت سورة "النجم"، وكان المشركون يقولون: لو كان محمد يذكر آلهتنا بخير قررناه وأصحابه، ولكنه لا يذكر من حالفه من اليهود والنصارى بمثل ما يذكر به آلهتنا من الشتم، والشر. وكان رسول الله ﷺ يتمنى هداهم، فأنزلت: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى﴾ [النجم: ١٩، ٢٠]، فألقى الشيطان عندها كلمات "وإنهن الغرانيق العلا، وإن شفاعتهن ترتجى" فوقعت في قلب كل مشرك بمكة، وذلت بها