للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال السائب بن خلاد: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "من أخاف أهل المدينة أخافه الله، وعليه لعنة الله" (١). رواه مسلم بن أبي مريم، وجماعة، عن عطاء بن يسار، عنه.

وروى جويرية بن أسماء، عن أشياخه قالوا: خرج أهل المدينة يوم الحرة بجموع وهيئة لم ير مثلها، فلما رآهم عسكر الشام كرهوا قتالهم، فأمر مسرف بسريره فوضع بين الصفين، ونادى مناديه: قاتلوا عني أو دعوا، فشدوا، فسمعوا التكبير خلفهم من المدينة، وأقحم عليهم بنو حارثة، فانهزم الناس، وعبد الله بن الغسيل متساند إلى ابنه نائم، فنبهه، فلمَّا رأى ما جرى أمر أكبر بنيه فقاتل حتى قتل، ثم لم يزل يقدِّمهم واحدًا واحدًا حتى قتلوا، وكسر جفن سيفه، وقاتل حتى قُتِل.

وروى الواقدي بإسناد قال: لما وثب أهل الحرة، وأخرجوا بني أمية من المدينة، بايعوا ابن الغسيل على الموت، فقال: يا قوم، والله ما خرجنا حتى خفنا أن نرجم من السماء، رجل ينكح أمهات الأولاد والبنات والأخوات، ويشرب الخمر، ويدع الصلاة.

قال: وكان يبيت تلك الليالي في المسجد، وما يزيد في إفطاره على شربة سويق، ويصوم الدهر ولا يرفع رأسه إلى السماء، فخطب وحرَّض على القتال، وقال: اللهم إنا بك واثقون، فقاتلوا أشد قتال، وكبَّر أهل الشام، ودخلت المدينة من النواحي كلها، وقتل الناس، وبقي لواء ابن الغسيل ما حوله خمسة، فلمَّا رأى ذلك رمى درعه، وقاتلهم حاسرًا حتى قتل، فوقف عليه مروان وهو مادّ إصبعه السبابة، فقال: أما والله لئن نصبتها ميتًا لطالما نصبتها حيًّا.

قال أبو هارون العبدي: رأيت أبا سعيد الخدري ممعط اللحية، فقال: هذا ما لقيت من ظلمة أهل الشام، أخذوا ما في البيت، ثم دخلت طائفة فلم يجدوا شيئًا، فأسفوا، وأضجعوني، فجعل كل واحد منهم يأخد من لحيتي خصلة.

قال خليفة: أصيب من قريش، والأنصار يومئذ ثلاث مائة وستة رجال، ثم سماهم.

وعن أبي جعفر الباقر قال: ما خرج فيها أحد من بني عبد المطلب، لزموا بيوتهم، وسأل مسرف، عن أبي، فجاءه ومعه ابنا محمد بن الحنفية، فرحَّب بأبي، وأوسع له، وقال: إن أمير المؤمنين أوصاني بك.

كانت الوقعة لثلاث بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وستين، وأصيب يومئذ عبد الله بن زيد بن عاصم حاكي وضوء النبي ﷺ، ومعقل بن سنان، ومحمد بن أُبَيّ بن كعب، وعدة من أولاد كبراء الصحابة، وقتل جماعة صبرًا.

وعن مالك بن أنس قال: قتل يوم الحرة من حملة القرآن سبع مائة.

قلت: فلما جرت هذه الكائنة اشتدَّ بغض الناس ليزيد مع فعله بالحسين وآله، ومع قلة دينه، فخرج عليه أبو بلال مرداس به أدية الحنظلي، وخرج نافع بن الأزرق، وخرج طواف السدوسي، فما أمهله الله، وهلك بعد نيف وسبعين يومًا.


(١) صحيح: ورد في حديث السائب بن خلاد، عند أحمد "٤/ ٥٥ و ٥٦"، والطبراني في "الكبير" "٦٦٣١ - ٦٦٣٧"، وهو صحيح.
ورد في حديث جابر بن عبد الله عند أحمد "٣/ ٣٥٤ و ٣٩٣"، وإسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>