قال: ثم ملنا إلى ابن عباس وابن الحنفية، قد عمل حول دورهم الحطب ليحرقها، فخرجنا بهم حتى نزلنا بهم الطائف.
ولأبي الطفيل الكناني حين منع ابن الزبير عبد الله بن عباس من الاجتماع بالناس كان يخافه، وإنما أخّر الناس عن بيعة ابن عباس -أن لو شاء الخلافة- ذهاب بصره:
لا دَرَّ در الليالي كيف تضحكنا … منها خطوب أعاجيب، وتبكينا
ومثل ما تحدث الأيام من غِيَر … في ابن الزبير عن الدنيا تسلينا
كنا نجيء ابن عباس فيقبسنا … فقهًا، ويكسبنا أجرًا ويهدينا
ولا يزال عبيد الله مترعة … جفانه مطعمًا ضيفًا ومسكينًا
فالبر والدين والدنيا بدارهما … ننال منها الذي نبغي إذا شينا
إن الرسول هو النور الذي كشفت … به عمايات ماضينا وباقينا
ورهطه عصمة في ديننا ولهم … فضل علينا وحق واجب فينا
ففيم تمنعهم منا وتمنعنا … منهم وتؤذيهم فينا وتؤذينا
لن يؤتي الله إنسانًا ببغضهم … في الدين عزًّا ولا في الأرض تمكينا
قال ابن عبد البر في ترجمة ابن عباس: هو القائل: ما روي عنه من وجوه:
إن يأخذ الله من عيني نورهما … ففي لساني وقلبي منهما نور
قلبي وعقلي غير ذي دخل … وفي فمي صارم كالسيف مأثور
قال سالم بن أبي حفصة: عن أبي كلثوم، أن ابن الحنفية لما دفن ابن عباس قال: اليوم مات رباني هذه الأمة.
ورواه بعضهم، فقال: عن "منذر الثوري" بدل "أبي كلثوم".
قال حسين بن واقد المروزي: حدثنا أبو الزبير قال: لما مات ابن عباس، جاء طائر أبيض فدخل في أكفانه.
رواها الأجلح، عن أبي الزبير، فزاد: فكانوا يرون أنه علمه.
وروى عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير نحوه، وزاد: فما رئي بعد -يعني: الطائر.