أخاف أن يغلبك القوم عليه، وايم الله، لئن أعطيتنيه لا يخلص إليه أبدًا حتى تبلغ نفسي، إنَّ علي بن أبي طالب خطب ابنة أبي جهل، فسمعت رسول الله ﷺ، وهو يخطب الناس في ذلك على منبره هذا، وأنا يومئذ محتلم، فقال:"إن فاطمة بضعة مني، وأنا أتخوّف أن تفتن في دينها"، ثم ذكر صهرًا له من بني عبد شمس، فأثنى عليه في مصاهرته إياه، فأحسن، قال:"حدثني فصدَّقني، ووعدني فوفَّى لي، وإني لست أحرِّم حلالًا، ولا أحلّ حرامًا، ولكن والله لا تجتمع ابنة رسول الله ﷺ وابنة عدو الله مكانًا واحدًا أبدًا"(١).
ففيه أنَّ المسور كان كبيرًا محتلمًا إذ ذاك.
وعن عطاء بن يزيد قال: كان ابن الزبير لا يقطع أمرًا دون المسور بمكة.
وعن أبي عون قال: لما دنا الحصين بن نمير لحصار مكة، أخرج المسور سلاحًا قد حمله من المدينة، ودروعًا، ففرقها في موالٍ له فُرس جُلْد، فلمَّا كان القتال أحدقوا به، ثم انكشفوا عنه، والمسور يضري بسيفه، وابن الزبير في الرعيل الأوّل. وقتل موالي مسور من الشاميين نفرًا، وقيل: أصابه حجر المنجنيق، فانفلقت منه قطعة أصابت خدّ المسور وهو يصلي، فمرض ومات في اليوم الذي جاء فيه نعي يزيد.
فعن أم بكر قالت: كنت أرى العظام تنزع من خده، بقي خمسة أيام ومات.
وقيل: أصابه الحجر، فحمل مغشيًّا عليه، وبقي يومًا لا يتكلم، ثم أفاق، وجعل عبيد بن عمير يقول: يا أبا عبد الرحمن، كيف ترى في قتال هؤلاء؟ فقال: على ذلك قتلنا.
قال: وولي ابن الزبير غسله، وحمله إلى الحجون، وإنا لنطأ به القتلى، ونمشي بين أهل الشام، فصلوا معنا عليه.
قلت: كانوا قد علموا بموت يزيد، وبايعوا ابن الزبير.
وعن أم بكر قالت: وُلِدَ المسور بمكة بعد الهجرة بعامين، وبها توفِّي لهلال ربيع الآخر سنة أربع وستين، وكذا أرَّخه فيها جماعة.
وغلط المدائني فقال: مات في سنة ثلاث وسبعين من حجر المنجنيق.