للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فعلت بنصرانيتك؟ قال: تحنَّفت بعدك، ثم أتينا دمشق، فلقيت كعبًا، فقال: إذا أتيتم بيت المقدس فاجعلوا الصخرة بينكم وبين القبلة، ثم انطلقنا ثلاثتنا حتى أتينا أبا الدرداء، فقالت أم الدرداء لكعب: ألَا تعدني على أخيك؟ يقوم الليل ويصوم النهار. قال: فجعل لها من كل ثلاث ليالٍ ليلة. ثم أتينا بيت المقدس، فسمعت يهود بنعيم وكعب، فاجتمعوا، فقال كعب: هذا كتاب قديم وإنه بلُغَتِكم فاقرءوه. فقرأه قارئهم حتى أتى على ذلك المكان: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [آل عمران: ٨٥]. فأسلم منهم اثنان وأربعون حبرًا، ففرض لهم معاوية وأعطاهم.

ثم قال همام: وحدَّثني بسطام بن مسلم، حدثنا معاوية بن قرة، أنهم تذاكروا ذلك الكتاب، فمَرَّ بهم شهر بن حوشب، فقال: على الخبير سقطتم؛ إن كعبًا لما احتضر قال: ألَا رجل أأتمنه على أمانة؟ فقال رجل: أنا. فدفع إليه ذلك الكتاب، وقال: اركب البحيرة، فإذا بلغت مكان كذا وكذا، فاقذفه. فخرج من عند كعب، فقال: كتاب فيه علم، ويموت كعب لا أفرِّط به. فأتى كعبًا، وقال: فعلت ما أمرتني به. قال: فما رأيت؟ قال: لم أر شيئًا، فعلم كذبه، فلم يزل يناشده ويطلب إليه حتى ردَّه عليه، فقال: ألَا من يؤدي أمانة؟ قال رجل: أنا. فركب سفينة، فلمَّا أتى ذلك المكان ذهب ليقذفه، فانفرج له البحر، حتى رأى الأرض، فقذفه وأتاه، فأخبره، فقال كعب: إنها التوراة كما أنزلها الله على موسى، ما غيّرت ولا بدَّلت، ولكن خشيت أن يتَّكل على ما فيها، ولكن قولوا: لا إله إلا الله، ولقِّنوها موتاكم.

هكذا رواه ابن أبي خيثمة في "تاريخه"، عن هدبه، عن همَّام. وشهر لم يلحق كعبًا.

وهذا القول من كعب دالٌّ على أن تيك النسخة ما غيرت ولا بدلت، وأنَّ ما عداها بخلاف ذلك. فمن الذي يستحل أن يورد اليوم من التوراة شيئًا على وجه الاحتجاج معتقدًا أنها التوراة المنزَّلة؟ كلَّا والله.

<<  <  ج: ص:  >  >>