للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابن الزبير إلى مبايعة محمد ابن الحنفية، فأبى، فحصره وضيق عليه وتوعَّده، قتألَّمت الشيعة له، وردَّ المختار إلى مكة، ثم بعث معه ابن الزبير إبراهيم بن محمد بن طلحة على خراج الكوفة، فقَدِم المختار وقد هاجت الشيعة للطلب بالثأر، وعليهم سليمان بن صرد، فأخذ المختار يفسدهم، ويقول: إني جئت من قبل المهديّ ابن الوصي -يريد: ابن الحنفية، فتبعه خلق، وقال: إن سليمان لا يصنع شيئًا، إنما يُلْقِي بالناس إلى التهلكة، ولا خبرة له بالحرب.

وخاف عمر بن سعد بن أبي وقاص، فذهب عبد الله بن يزيد الخطميّ نائب ابن الزبير، وإبراهيم بن محمد إلى ابن صرد، فقالا: إنكم أحبّ أهل بلدنا إلينا، فلا تفجعونا بأنفسكم، ولا تنقصوا عددنا بخروجكم، قفوا حتى نتهيأ. قال ابن صرد: قد خرجنا لأمر، ولا نرانا إلّا شاخصين. فسار ومعه كل مستميت، ومروا بقبر الحسين فبكوا، وأقاموا يومًا عنده، وقالوا: يا رب، قد خذلناه فاغفر لنا وتب علينا. ثم نزلوا قرقيسيا، فتمّ المصاف بعين الوردة، وقُتِلَ ابن صرد وعامَّة التوابين، ومرض عبيد الله بالجزيرة، فاشتغل بذلك وبقتال أهله عن العراق سنة، وحاصر الموصل.

وأمَّا المختار، فسُجِنَ مدة ثم خرج، فحاربه أهل الكوفة، فقتل رفاعة بن شداد، وعبد الله بن سعد، وعدة، وغلب على الكوفة، وهرب منه نائب ابن الزبير، فقتل جماعة ممن قاتل الحسين، وقتل الشمر بن ذي الجَوْشن، وعمر بن سعد، وقال: إن جبريل ينزل عليَّ بالوحي. واختلق كتابًا عن ابن الحنفية إليه يأمره بنصر الشيعة، وثار إبراهيم بن الأشتر في عشيرته، فقتل صاحب الشرطة، وسُر به المختار، وقوي، وعسكروا بدير هند، فحاربهم نائب ابن الزبير، ثم ضعف واختفى، وأخذ المختار في العدل، وحسن السيرة.

وبعث إلى النائب بمال، وقال: اهرب. ووجد المختار في بيت المال سبعة آلاف ألف درهم، فأنفق في جيشه، وكتب إلى ابن الزبير: إني رأيت عاملك مداهنًا لبني أمية، فلم يسعني أن أقره، فانخدع له ابن الزبير، وكتب إليه بولاية الكوفة، فجهَّز ابن الأشتر لحرب عبيد الله بن زياد، في آخر سنة ست وستين، ومعه كرسي على بغل أشهب.

وقال المختار: هذا فيه سر، وهو آية لكم، كما كان التابوت لبني إسرائيل. فحفّوا به يدعون، فتألم ابن الأشتر، وقال: اللهمَّ لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منَّا، سنة بني إسرائيل؛ إذ عكفوا على العجل.

فعن طفيل بن جعدة بن هبيرة، قال: كان لي جار زيات، له كرسي، فاحتجت، فقلت

<<  <  ج: ص:  >  >>