قال ابن سعد: أنبأنا محمد بن الصلت، حدثنا ربيع بن منذر، عن أبيه قال: كنا مع ابن الحنفية فأراد أن يتوضأ فنزع خفيه ومسح على قدميه.
قلت: هذا قد يتعلق به الإمامية، وبظاهر الآية، لكن غسل الرجلين شرع لازم، بينه لنا الرسول -اللهم صل عليه- وقال:"ويل للأعقاب من النار"(١)، وعليه عمل الأمة، ولا اعتبار بمن شذ قال رافضي: فأنتم ترون مسح موضع ثلاث شعرات، بل شعرة من الرأس يجزئ، والنص فلا يحتمل هذا ولا يسمى من اقتصر عليه ماسحًا لرأسه عرفًا ولا رأينا النبي ﷺ ولا أحد من أصحابه اجتزأ بذلك، ولا جوزه. فالجواب: أن الباء للتبعيض في قوله "برؤوسكم" وليس الموضع يحتمل تقريره هذه المسألة.
قال الواقدي: حدثنا عبد الله بن جعفر، عن صالح بن كيسان، عن الحسن بن محمد بن الحنفية، قال: لم يبايع أبي الحجاج، لما قتل ابن الزبير بعث الحجاج إليه: أن قد قتل عدو الله فقال: إذا بايع الناس بايعت قال: والله لأقتلنك قال: إن لله في كل يوم ثلاث مائة وستين نظرة، في كل لحظة ثلاث مائة وستون قضية، فلعله أن يكفيناك في قضية من قضاياه وكتب الحجاج فيه إلى عبد الملك بذلك، فأعجب عبد الملك قوله، وكتب بمثلها إلى طاغية الروم، وذلك أن صاحب الروم كتب إلى عبد الملك يتهدده بأنه قد جمع له جموعًا كثيرة. وكتب إلى الحجاج: قد عرفنا أن محمدًا ليس عنده خلاف، فارفق به، فسيبايعك. فلما اجتمع الناس على عبد الملك وبايع له ابن عمر قال ابن عمر لمحمد: ما بقي شيء، فبايع. فكتب بالبيعة إلى عبد الملك، وهي أما بعد فإني لما رأيت الأمة قد اختلفت اعتزلتهم فلما أفضى الأمر إليك وبايعك الناس كنت كرجل منهم فقد بايعتك وبايعت الحجاج لك، ونحن نحب أن تؤمننا وتعطينا ميثاقًا على الوفاء فإن الغدر لا خير فيه.
فكتب إليه عبد الملك: إنك عندنا محمود، أنت أحب إلينا، وأقرب بنا رحمًا من ابن الزبير، فلك ذمة الله ورسوله أن لا تهاج ولا أحد من أصحابك بشيء.
قال أبو نعيم الملائي: مات ابن الحنفية سنة ثمانين.
وقال الواقدي: أنبأنا زيد بن السائب، قال: سألت عبد الله بن الحنفية: أين دفن أبوك؟ قال بالبقيع سنة إحدى وثمانين، في المحرم، وله خمس وستون سنة، فجاء أبان بن عثمان وإلي المدينة ليصلي عليه، فقال أخي: ما ترى؟ فقال أبان: أنتم أولى بجنازتكم. فقلنا: تقدم، فصل، فتقدم.
الواقدي: حدثنا علي بن عمر بن علي بن الحسين، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، سمعت ابن الحنفية سنة إحدى وثمانين يقول: لي خمس وستون سنة جاوزت سن أبي فمات تلك السنة.
وفيها أرخه أبو عبيد وأبو حفص الفلاس. وانفرد المدائني، فقال: مات سنة ثلاث وثمانين.
(١) صحيح: أخرجه أحمد "٢/ ٢١١ و ٢٢٦"، والبخاري"٦٠" و "٩٦" و "١٦٣"، ومسلم "٢٤١" "٢٧"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "١/ ٣٩"، والبيهقي "١/ ٦٨"، والبغوي "٢٢٠" من طريق أبي عوانة، عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن عمرو، به.