فالجواب: أنهم مثلوا له، فرآهم غير مرة، فرأى موسى في مسيرة قائما يصلي في قبره، ثم رآه ببيت المقدس، ثم رآه في السماء السادسة هو وغيره، فعرج بهم، كما عرج بنبينا صلوات الله على الجميع وسلامه، والأنبياء أحياء عند ربهم كحياة الشهداء عند ربهم، وليست حياتهم كحياة أهل الدنيا، ولا حياة أهل الآخرة، بل لون آخر، كما ورد أن حياة الشهداء بأن جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر، تسرح في الجنة وتأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش، فهم أحياء عند ربهم بهذا الاعتبار كما أخبر ﷾، وأجسادهم في قبورهم. وهذه الأشياء أكبر من عقول البشر، والإيمان بها واجب كما قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ [البقرة: ٣].
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله، قال: أخبرنا أبو روح عبد المعز بن محمد كتابة، أن تميم بن أبي سعيد الجرجاني أخبرهم، قال: أخبرنا أبو سعيد محمد بن عبد الرحمن، قال: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، قال: حدثنا هدبة بن خالد، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أن رسول الله ﷺ قال:"مررت ليلة أسري بي برائحة طيبة، فقلت: ما هذه الرائحة يا جبريل؟ قال: هذه ماشطة بنت فرعون، كانت تمشطها، فوقع المشط من يدها، فقالت: باسم الله. قالت بنت فرعون: أبي. قالت: ربي ورب أبيك. قالت: أقول له إذا. قالت: قولي له. قال لها: أولك رب غيري! قالت: ربي وربك الذي في السماء. قال: فأحمى لها بقرة من نحاس، فقالت: إن لي إليك حاجة. قال: وما هي؟ قال: أن تجمع عظامي وعظام ولدي. قال: ذلك لك علينا لما لك علينا من الحق. فألقى ولدها في البقرة، واحدا واحدا واحدا، فكان آخرهم صبي، فقال: يا أمه اصبري فإنك على الحق". قال ابن عباس: فأربعة تكلموا وهم صبيان: ابن ماشطة بنت فرعون، وصبي جريج، وعيسى ابن مريم، والرابع لا أحفظه. هذا حديث حسن.
وقال ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر، عن أبي بكر بن أبي سبرة وغيره، قالوا: كان رسول الله ﷺ يسأل ربه أن يريه الجنة والنار، فلما كان ليلة السبت لسبع عشرة خلت من رمضان، قبل الهجرة بثمانية عشر شهرا، ورسول الله ﷺ نائم في بيته أتاه جبريل بالمعراج، فإذا هو أحسن شيء منظرا، فعرج به إلى السموات سماء سماء، فلقي فيها الأنبياء، وانتهى إلى سدرة المنتهى.
قال ابن سعد: وأخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني أسامة بن زيد، الليثي، عن عمرو ابن شعيب، عن أبيه، عن جده. قال محمد بن عمر: وحدثنا موسى بن يعقوب الزمعي، عن