الانفراد بهذا الفتح العظيم وتوعده وأمره أن لا يتجاوز مكانه وأسرع موسى بجيوشه فتلقاه طارق وقال إنما أنا مولاك وهذا الفتح لك فأقام موسى بن نصير بالأندلس سنتين يغزو ويغنم وقبض على طارق وأساء إليه ثم استخلف على الأندلس ولده عبد العزيز بن موسى وكان جنده عامتهم من البربر فيهم شجاعة مفرطة وإقدام.
وله فتوحات عظيمة جداً بالمغرب كما كان لقتيبة بن مسلم بالمشرق في هذا الوقت فتوحات لم يسمع بمثلها. وفي هذه المدة وبعدها كانت غزوة القسطنطينية في البر والبحر ودام الحصار نحواً من سنة وكان علم الجهاد في أطراف البلاد منشوراً والدين منصوراً والدولة عظيمةً والكلمة واحدةً.
قال سعيد بن عبد العزيز أخبرني رجل أن سليمان هم بالإقامة ببيت المقدس وقدم عليه موسى بن نصير وأخوه مسلمة فجاءه الخبر أن الروم طلعوا من ساحل حمص وسبوا جماعة فيهم امرأة لها ذكر فغضب سليمان وقال ما هو إلا هذا نغزوهم ويغزونا والله لأغزونهم غزوة أفتح فيها القسطنطينية أو أموت ثم التفت إلى مسلمة وإلى موسى بن نصير فقال أشيرا عليه فقال موسى يا أمير المؤمنين إن أردت ذلك فسر سيرة الصحابة فيما فتحوه كلما فتحوا مدينة اتخذوها داراً وحازوها للإسلام فابدأ بالدروب وافتح حصونها حتى تبلغ القسطنطينية فإنهم سيعطون بأيديهم فقال لمسلمة ما تقول أنت قال هذا الرأي إن طال عمر إليه أو كان الذي يأتي على رأيك وبريد ذلك خمس عشرة سنة ولكني أرى أن تغزي المسلمين براً وبحراً القسطنطينية فيحاصرونها فإنهم ما دام عليهم البلاء أعطوا الجزية أو أخذت عنوة فمتى وقع ذلك كان ما دونها من الحصون بيدك قال هذا الرأي فأغزى أهل الشام والجزيرة في البر في نحو من عشرين ومئة ألف وأغزى أهل مصر والمغرب في البحر في ألف مركب عليهم عمر بن هبيرة وعلى الكل مسلمة بن عبد الملك.
قال الوليد بن مسلم فأخبرني غير واحد أن سليمان أخرج لهم العطاء وبين لهم غزوتهم وطولها ثم قدم دمشق وصلى الجمعة ثم عاد إلى المنبر وأخبرهم بيمينه من حصاره القسطنطينية فانفروا على بركة الله وعليكم بتقوى الله ثم الصبر الصبر وسار حتى نزل بدابق وسار مسلمة وأخذ معه أليون الرومي المرعشي ليدله على الطريق والعوار وأخذ ميثاقه على المناصحة إلى أن عبروا الخليج وحاصروا قسطنطينية إلى أن برح بهم