وقال يونس، عن ابن إسحاق: حدثني نافع، عن ابن عمر، عن أبيه عمر بن الخطاب، قال: لما اجتمعنا للهجرة اتعدت أنا وعياش بن أبي ربيعة، وهشام بن العاص بن وائل، وقلنا: الميعاد بيننا التناضب من أضاة بني غفار، فمن أصبح منكم لم يأتها فقد حبس. فأصبحت عندها أنا وعياش، وحبس هشام وفتن فافتتن وقدمنا المدينة فكنا نقول: ما الله بقابل من هؤلاء توبة، قوم عرفوا الله وآمنوا به وصدقوا رسوله، ثم رجعوا عن ذلك لبلاء أصابهم في الدنيا فأنزلت: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾ [الزمر: ٥٣]، فكتبتها بيدي كتابا، ثم بعثت بها إلى هشام، فقال هشام بن العاص: فلما قدمت عليَّ خرجت بها إلى ذي طوى أصعد فيها النظر وأصوِّبه لأفهمها، فقلت: اللهم فهمنيها، فعرفت إنما أنزلت فينا لما كنا نقول في أنفسنا، ويقال فينا، فرجعت فجلست على بعيري، فلحقت برسول الله ﷺ، قال: فقتل هشام بأجنادين.
وقال عبد العزيز الدراوردي، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قدمنا من مكة فنزلنا العصبة عمر بن الخطاب، وأبو عبيدة، وسالم مولى أبي حذيفة، فكان يؤمهم سالم، لأنه كان أكثرهم قرآنا.
وقال إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء، قال: أول من قدم علينا مصعب بن عمير، فقلنا له: ما فعل رسول الله ﷺ؟ قال: هو مكانه وأصحابه على أثري ثم أتى بعد عمرو بن أم مكتوم الأعمى أخو بني فهر، ثم عمار بن ياسر، وسعد بن أبي وقاص، وابن مسعود، وبلال، ثم أتانا عمر بن الخطاب في عشرين راكبا، ثم أتانا رسول الله ﷺ وأبو بكر معه، فلم يقدم علينا رسول الله ﷺ حتى قرأت سورا من المفصل (١). أخرجه مسلم.
وقال ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة قال: ومكث رسول الله ﷺ بعد الحج بقية ذي الحجة، والمحرم، وصفر، وإن مشركي قريش أجمعوا أمرهم ومكرهم، على أن يأخذوا رسول الله ﷺ، فإما أن يقتلوه أو يحبسوه أو يخرجوه، فأخبره الله بمكرهم في قوله: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الأنفال: ٣٠]، الآية، فخرج رسول الله ﷺ وأبو بكر تحت الليل قِبَل الغار بثور، وعمد عليٌّ فرقد على فراش رسول الله ﷺ يواري عنه العيون.
وكذا قال موسى بن عقبة، وزاد: فباتت قريش يختلفون ويأتمرون أيهم يجثم على صاحب الفراش فيوثقه، إلى أن أصبحوا، فإذا هم بعلي ﵁ فسألوه عن
(١) صحيح: أخرجه البخاري "٣٩٢٤" و"٣٩٢٥"، ولم يخرجه مسلم.